مدونة النشر الالكتروني

مدونة النشر الالكتروني مدونة تهتم بموضوعات النشر الالكتروني ، وكل ما ينشر حوله؛ فهي تحتوي على مجموعة من المقالات والدراسات الأكاديمية التي تتناول النشر الالكتروني في مختلف جوانبه وأشكاله، والتي تثري معارف الباحثين في مجال النشر .

الصفحات

الجمعة، 21 مايو 2010

النشر الإلكتروني والنشر الورقي: الإقصاء أو التجاور؟


الحكم الاستباقي على الأفضل من بين الوسيلتين يبدو مجحفًا وتجاورهما في المدى القريب وارد.



النشر الإلكتروني هو المقابل الحديث والمعاصر للنشر الورقي الذي كان سائدًا في الفترة السابقة لظهور شبكة الإنترنت العالمية وانتشارها في العالم أجمع. ويُقصد به وسيلة النشر التي تتخذ من الشاشة الإلكترونية وسيطًا ينقل من خلالها جهازُ النشر مادته إلى الجمهور المتلقي، مستبدلاً بالحبر والورق الشاشة الزرقاء.




ويعرّف المهندس صادق طاهر الحميري النشر الإلكتروني في مقالة له بعنوان "النشر الإلكتروني وعالم من الحداثة والتجديد" بأنه استخدام الأجهزة الإلكترونية في مختلف مجالات الإنتاج والإدارة والتوزيع للبيانات والمعلومات وتسخيرها للمستفيدين، ولكن المواد المعلوماتية المنشورة من خلاله لا يتم إخراجها ورقيًا لأغراض التوزيع، بل يتم توزيعها على وسائط إلكترونية كالأقراص المرنة أو الأقراص المدمجة أو من خلال الشبكات الإلكترونية كشبكة الإنترنت العالمية. ولأن طبيعة النشر هذه تستخدم أجهزة حاسوب (كمبيوتر) إما في مرحلة واحدة أو في جميع مراحل الإعداد للنشر أو الاطلاع على ما يُنشر من مواد ومعلومات فقد جازت عليه تسمية "النشر الإلكتروني".



وتجد أجهزة النشر الإلكتروني واجهات عدة تقدم من خلالها موادها النصية بأشكالها المختلفة والمتجددة إلى الجمهور المتلقي، ومن بين واجهات النشر الإلكتروني الأقراص المدمجة، التي توفر مواد نصية مكتوبة ومسموعة ومرئية، وتسمح في كثير من الأحيان بالتفاعل بين المتلقي والنص. وقد أصبحت الأقراص المدمجة وسيلة شبه تقليدية، بمعنى أنها شاعت وانتشر استخدامها بين الناس بمختلف فئاتهم وتصنيفاتهم، وهذا دليل على تغلغل وسائل النشر الإلكتروني يومًا بعد يوم في نظام الحياة اليومية.



ومن بين هذه الواجهات أيضًا المواقع الإلكترونية، الشخصية والمؤسساتية، ومما لا شك فيه أن فكرة مواقع الإنترنت فكرة مستحدثة، ظهرت بظهور شبكة الإنترنت، وأصبحت علامة مميزة للعصر الحالي الذي تعد فيه هذه المواقع مراجع يمكن الرجوع إليها والاعتماد عليها كوسيلة من وسائل المعرفة والتواصل مع العالم.



والموقع هو –بحسب تعريف موقع الموسوعة العربية- مجموعة مترابطة من ملفات شبكة الإنترنت العالمية (www)، تتضمن ملفًا يعمل من خلال ما يسمى بالصفحة الرئيسية، التي تحمل عنوانًا محددًا دالاًّ على الموقع، ويستطيع المستخدم الانطلاق لجميع الصفحات داخل ذلك الموقع، وخارجه أيضًا، بواسطة الروابط التشعبية الموجودة فيه.



ومن الممكن لهذه المواقع أن تؤدي دَوْر الناشر الإلكتروني بطرق عدة، أهمها أن كثيرًا من الصحف والدوريات أصبحت تتخذ لها موقعًا على الشبكة تعرض فيه أخبارها إلكترونيًا بالإضافة إلى النسخة الورقية. وبعض الصحف والدوريات صدرت إلكترونيًا فقط ولم تصدر منها أي نسخة ورقية، لعوامل عدة من بينها زهادة التكلفة وسرعة الانتشار والوصول إلى الجمهور، وتوفر حرية الرأي والتعبير. ومن أمثلة الدوريات الإلكترونية "إيلاف"، و"ألواح"، و"حطة"، و"أفق"، وغيرها.



وبالإضافة إلى مواقع الصحف والدوريات يوجد الكثير من المواقع الأخرى التي تتخذ إما الطابع الإخباري أو الترفيهي أو الأدبي أو غير ذلك، والأمثلة على هذه التصنيفات أكثر من أن تُحصى.



إلا أن من أهم واجهات النشر الإلكتروني المكتبات الإلكترونية ويجب هنا التمييز بين نموذجين مختلفين للمكتبة الإلكترونية، أحدهما يندرج ضمن تعريف النشر الإلكتروني المذكور أعلاه، والآخر يقع خارجه؛ فإذا كانت هذه المكتبة تقوم بتوفير الكتب إلكترونيًا للقراء فإنها تعد إحدى واجهات النشر الإلكتروني. أما إن كانت مجرد وسيط لتوفير الكتب (الورقية أساسًا) من خلال موقعها الإلكتروني للجمهور مقابل مبلغ مالي ثمنًا للخدمة وللكتاب ولتكاليف الشحن والتوصيل، فإنها لا تندرج ضمن فكرة النشر الإلكتروني، وتدخل ضمن مفهوم التجارة الإلكترونية.



وفي ظل وجود النمط الأول من المكتبات الإلكترونية أصبح بإمكان أي باحث عن كتاب ما -أو معلومة في كتاب ما- أن يجدها على الشبكة من خلال ما اصطُلح على تسميته بالمكتبة الإلكترونية، التي تقدم أجهزة النشر الإلكتروني بواسطتها نتاجاتها من الكتب التي تختلف في طرق تخزينها وعرضها عن المكتبة التقليدية، مما يدل على دخولنا عصرًا جديدًا من عصور تلقي المعرفة واستهلاكها.



وقد انتقل الكلام على المكتبات الإلكترونية إلى مستوى آخر هو الكتاب الإلك%C Aروني، وهذا مصطلح يشير إلى جزأين رئيسيين: الأول هو المحتوي الرقمي للكتاب، والثاني هو آلة القراءة التي سيتم تخزين المادة واستعراضها من خلالها.



والذي تجدر الإشارة إليه هو أن موقف الجمهور المتلقي من النشر الإلكتروني بمظاهره وواجهاته المختلفة لم يستقر حتى الآن، بعد مضيّ حوالي عقدين من الزمان على ظهوره، إذ لم تتضح معالمه إلا مع انتشار استخدام شبكة الإنترنت عالميًا، مع أنه كان موجودًا قبلها –على شكل أقراص مدمجة CD-ROMs. وعندما أصبح استخدام شبكة الإنترنت شائعًا واجهت فكرة النشر الإلكتروني موقفين متعارضين من قِبَل القراء ما بين مؤيد ومعارض، وذلك بحسب صلة كل قارئ بالحاسوب ومدى تقبله –أو اعتياده على- القراءة عبر الشاشة، كما أشار إلى ذلك الدكتور علي الشويش في مقالته "النشر الإلكتروني مقابل النشر التقليدي المطبوع".



ومع تذبذب المواقف وعدم استقرارها حتى الآن تجاه النشر الإلكتروني نلاحظ أنه يخطو خطوات واثقة نحو تقديم نفسه بوصفه نمطًا جديدًا للنشر يتناسب مع العصر، ويعبر عنه، ويقترب من ميول الأجيال الناشئة التي يبدو أنها أكثر ألفة مع كل ما يكتسب صفة الإلكترونية في مقابل إعراض شبه مجمع عليه عن كل ما يحمل ملامح الورقية.



ولكن لا يعني هذا أن وسائل النشر الورقي التقليدي لم تعد تجد قراء، بل على العكس من ذلك، أثبت النشر الورقي قدرته على الثبات والاستمرار في وجود منافس بقوة وسائل النشر الإلكتروني التي تتضمن عناصر غير متوفرة في نظيرتها الورقية -أهمها كسر النمط التقليدي للتعامل مع المصادر المعلوماتية- ومع هذا لا يزال النشر الورقي بأشكاله التقليدية المعدودة (الكتاب والصحيفة والدورية) يجد رواجًا كبيرًا.



إن الموقف المتذبذب بين رجحان النشر الإلكتروني على النشر الورقي أو العكس يدلنا على أن الوسيلتين اختارتا المجاورة وأن توجد إحداهما في ظل وجود الأخرى، ولا يوجد ما يستدعي الحكم بنفي إحداهما أو إقصائها لمصلحة الأخرى، لأننا فشلنا جميعًا حتى الآن في توحيد الموقف منهما، وفي تحديد الوسيلة الأفضل بينهما، أو الأكثر قبولا وانتشارًا، مما يستحسن معه أن يبقى الأمر دون حكم، بانتظار حكم الزمن خلال السنوات القادمة لمعرفة مصير كل منهما؛ فإذا كان النشر الإلكتروني أسرع وأسهل في الوصول إلى القراء، وأقل كلفة لعدم حاجته إلى الورق، وهذه تعد مزايا ترجح كفته، فإن النشر الورقي يصل إلى شريحة كبيرة من القراء الذين لا يحسنون استعمال الكمبيوتر، أو لا يملكون قيمته، أو لا يستطيعون الاتصال بالشبكة، كما أن القراءة من خلال الورق أكثر راحة للعين من القراءة عبر الشاشة، وهذه مزايا ترجح كفة النشر الورقي! مما يجعل الحكم الاستباقي على الأفضل من هاتين الوسيلتين مجحفًا، ويدفعنا نحو القول بإمكانية تجاورهما حتى تستطيع إحداهما التفوق على الأخرى أو إقصاءها.





بقلم: د. فاطمة البريكي - جامعة الإمارات
ميدل ايست اونلاين
المصدر:

http://www.eqraa.com/html/modules.php?name=News&file=print&sid=670

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق