مدونة النشر الالكتروني

مدونة النشر الالكتروني مدونة تهتم بموضوعات النشر الالكتروني ، وكل ما ينشر حوله؛ فهي تحتوي على مجموعة من المقالات والدراسات الأكاديمية التي تتناول النشر الالكتروني في مختلف جوانبه وأشكاله، والتي تثري معارف الباحثين في مجال النشر .

الصفحات

السبت، 24 أبريل 2010

صحافة الإنترنت.. قواعد النشر الإلكتروني الصحفي الشبكي




عرض/ رؤى زاهر
يتناول الدكتور عباس مصطفى صادق في كتابه "صحافة الإنترنت.. قواعد النشر الإلكتروني الصحفي الشبكي" القواعد الأولية للنشر على شبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، وهو يقر في كتابه أنها قواعد أولية لأن خصائص صحافة الإنترنت لم تتبلور بالشكل الذي يسمح بوضع معايير نهائية لها، شأنها شأن الكثير من المستحدثات الاتصالية التي نعايش ظهورها الآن. ويقدم دراسة تحليلية للصحافة العربية على الشبكة العنكبوتية التي لا تزال رغم وجودها المتزايد قاصرة عن استخدام أساليب ومميزات النشر الإلكتروني.


غلاف الكتاب
-اسم الكتاب: صحافة الإنترنت.. قواعد النشر الإلكتروني الصحفي الشبكي
-المؤلف: د.عباس مصطفى صادق
-عدد الصفحات: 232
-الطبعة: الأولى 2003
-الناشر: الظفرة للطباعة والنشر، أبو ظبي


ينقسم الكتاب إلى خمسة أجزاء، يتابع الجزء الأول منها مسيرة تطور شبكة الإنترنت، ويناقش الثاني التطبيقات الاتصالية في الشبكة، فيما يركز الثالث على تطبيقات النشر الإلكتروني والصحفي، وخصص الرابع لصحافة الإنترنت، أما الجزء الأخير فهو استعراض للصحافة العربية على الإنترنت عبر دراسة تحليلية تمثل الجزء التطبيقي لرسالة دكتوراه أعدها المؤلف عن تطبيقات النشر الصحفي الإلكتروني.

ويتميز كل جزء من أجزاء الكتاب الخمسة باحتوائه على مدخل تفصيلي شامل يوضح القضية المطروحة بدءا من نشأتها وحتى آخر تطور لها.

صحافة الإنترنت
يستعرض المؤلف مسيرة تطور الصحافة الإلكترونية واستقبال الأخبار عبر أجهزة الحاسوب منذ أن كانت نصوصا فقط وحتى ظهور الوب والتحول التدريجي إلى الوسائط المتعددة منذ الربع الأول لتسعينيات القرن الماضي ثم الانفجار الواضح المتمثل في زيادة عدد الصحف وخدمات الأخبار على الشبكة من عدد لا يزيد على أصابع اليد في التسعينيات إلى عدة آلاف في نهاية التسعينيات ثم خروج صحافة الإنترنت والخدمات الإخبارية في الشبكة إلى خارج الولايات المتحدة وظهورها في جميع بلدان العالم تقريبا وبمختلف اللغات.

ويفتتح المؤلف حديثه ببدايات استخدام الحاسوب في الصحافة إبان الستينيات من القرن الماضي إذ تم إصدار أول صحيفة عولج محتواها كاملا بالحاسوب في جامعة كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأميركية.

تبع ذلك تقديم "خدمات حاسوبية صحفية" بالطلب الهاتفي عام 1980 لتنتقل الصحف في السنوات اللاحقة من تقديم خدمات قواعد البيانات والخدمات الإخبارية إلى تقديم لوحة النشرات الإلكترونية عام 1985.

ويعتبر نظام النشرة الإلكترونية أول أداة تفاعلية عبر الحاسوب الشخصي، وهي تسمح لجهازين بالاتصال مع بعضهما بالمودم عبر خطوط الهاتف.

ثم بدأ ظهور الصحف على الإنترنت في مايو/ أيار 1992 حيث صدرت "شيكاغو أون لاين" كأول صحيفة إلكترونية على شبكة أميركا أون لاين.

وعلى صعيد الصحافة العربية أعلنت صحيفة الشرق الأوسط يوم 6 سبتمبر/ أيلول 1995 عن توفر موادها الصحفية اليومية إلكترونيا للقراء على شكل صور عبر شبكة الإنترنت، تلتها صحيفة النهار التي أصدرت طبعة إلكترونية يومية خاصة بالشبكة ابتداء من الأول من فبراير/ شباط 1996، ثم صحيفتا الحياة والسفير في العام نفسه.

ويقسم المؤلف الصحف والخدمات الصحفية على الإنترنت إلى خمسة أنواع رئيسية، حيث توجد صحف معروفة بأسمائها وتاريخها في الشبكة على هيئة خدمة منفصلة عن طبعتها الورقية أو شبيهة بالورقية وهما تمثلان النوع الأول.

وتميل بعض الإذاعات إلى تقديم خدمات أخبارية نصية وصور وأشكال إيضاحية كما في موقع هيئة الإذاعة البريطانية الذي يقدم خدمات إذاعية بمختلف اللغات وخدمات صوتية كما يقدم تقارير إخبارية مكتوبة ومواد صوتية وصورا وساحة حوار تفاعلية، وهو النوع الثاني.

أما النوع الثالث فهو الذي نشأ في الإنترنت، وهو مجموعة الخدمات الإخبارية التي تجمع خصائص مختلفة للوسائل الإعلامية بالإضافة إلى خصائص شبكة الإنترنت مثل فوكس نيوز.

وبالنسبة للنوع الرابع فهو صيغة مجلة الإنترنت، ومثال عليها مجلة نيوزويك التي تصدر طبعة إلكترونية تحمل مادة المجلة الأسبوعية مضافا إليها تجديدات يومية واستطلاعات رأي تفاعلية لا تتقيد بأسبوعية الصدور وإنما تتجدد بشكل دائم.

ويتعلق النوع الخامس والأخير بوكالات الأنباء على الشبكة كوكالة الأنباء الفرنسية التي توفر خدماتها المخصصة لشبكة الإنترنت بعدة لغات من ضمنها اللغة العربية، حيث يقدم الموقع العربي خدمتين رئيسيتين أولاهما تغطي كافة الأحداث التي تعرض في الموقع، وثانيتهما تقدم خدمة الأخبار والمعلومات عبر البريد الإلكتروني.


ينبغي عند الكتابة للإنترنت فهم طبيعة نظام النص المتشعب الذي يضم عنصري الشكل والمحتوى، ومراعاة أنواع قراء الشبكة وإستراتيجيات القراءة المعتمدة
في الإنترنت

قواعد النشر الإلكتروني
ثم ينتقل المؤلف للحديث عن عناصر وقواعد النشر على الإنترنت، فـ"عناصر النشر الأساسية هي الكتابة أو التأليف ثم الإخراج فالطباعة فالعرض، وينتهي النشر في شبكة الإنترنت بعرض المعلومات في أشكال مختلفة بغرض الاستهلاك في الشبكة نفسها وتحميلها على القرص الصلب أو أقراص التخزين الخارجية أو طباعتها على الورق، وفي الحالة الأخيرة تتيح بعض المواقع وثائق أو ملفات بغرض الطباعة".

وينبغي عند الكتابة للإنترنت فهم طبيعة نظام النص المتشعب الذي يضم عنصري الشكل والمحتوى، ومراعاة أنواع قراء الشبكة، وإستراتيجيات القراءة المعتمدة في الإنترنت.

ثم يتطرق المؤلف لأسس تصميم المواقع الصحفية، إذ "يتطلب إنشاء المواقع الإلمام بمجموعة من القواعد والعناصر التي تكون في مجملها أسسا تساعد على يسر القراءة ويسر الحصول على المعلومات من الموقع. وأهم هذه القواعد الإلمام بلغة ترميز النصوص المتشعبة أو ما يتطور عنها، والطرق المختلفة لتصميم الموقع والعناصر المكونة للموقع والصفحة، وقبل كل شيء الفهم الصحيح لماهية الموقع وصفحة الويب وأنواع الصفحات ومكوناتها".

ومن أهم الاعتبارات الخاصة التي يجب النظر إليها قبل وأثناء وبعد إنشاء المواقع هو ضمان نفاذية الموقع وقابليته للاستخدام (Accessibility and Usability).

علاوة على ذلك ينبغي الأخذ بعين الاعتبار قواعد عدة مثل سرعة التحميل وتوظيف عناصر التصميم لخدمة موضوع الموقع وعدم الإسراف في استخدام وسائل الإبهار.

كما توفر شبكة الإنترنت عددا من الأدوات التفاعلية لمساعدة الصحفي في الاتصال بالقارئ، مثل وصلات البريد الإلكتروني المباشرة، والنشرة الإلكترونية، وساحة الحوار، وأدوات استطلاع الرأي المباشر، وأدوات الاستبيان التي تظهر نتائجها فورا، ومجموعات الحوار.


لا يمكن أن تنشأ الصحافة العربية على الإنترنت دون هدف ودون جذور ودون فهم لطبيعة النشر الصحفي في الشبكة، فلا بد من التخطيط لإنشاء الصحيفة بشكل متكامل تتضح عبره أهداف الصحيفة وغايتها

الصحافة العربية على الإنترنت
إن وجود الصحافة العربية اليومية في شبكة الإنترنت مع الانتشار الواسع والتطورات التي تحدث لها في أوقات متقاربة مع تطورات النشر الإلكتروني العربي يستوجب وضع هذه الصحف أمام البحث العلمي الجاد.

فالصحافة العربية على شبكة الإنترنت تنمو بشكل واضح، ولا تمضي فترة طويلة إلا وتؤسس صحيفة جديدة أو قديمة موقعا لها على الشبكة.

ويقدم المؤلف في هذا الجزء دراسة تحليلية للصحافة العربية على الإنترنت يهدف عبرها إلى دراسة خصائص النشر الصحفي باللغة العربية والتعرف على أسباب غياب ميزات الإنترنت في هذه الصحافة الناشئة.

وشملت الدراسة 331 موقعا عربيا هي مواقع صحف يومية أو أسبوعية أو شهرية. ويقصر المؤلف دراسته على تلك التي ظهرت في الفترة ما بين 1998 و2000 كموقع عجيب وبلانت أرابيا ونسيج ودانة وغيرها من المواقع، ولا يتعرض للمواقع التي ظهرت بعد عام 2000 كالجزيرة نت وإيلاف لأنها لا تدخل ضمن المجال الزماني للدراسة.

ويشير المؤلف إلى أن المشاكل اللغوية تعوق تطور وانتشار المواقع العربية، بسبب عدم الاتفاق على مقياس معياري موحد لجداول الحروف العربية.

أما على الصعيد التكنولوجي الرقمي فهناك هوة تفصل دول العالم المتقدم عن دول العالم النامي.

فحسب إحصائيات نوا للإنترنت (NUA INTERNET SURVEY.HOW MANY ONLINE) التي تدير وتنشر الإحصائيات المختلفة عن الإنترنت، هناك 1.29 مليون مستخدم في الشرق الأوسط بما فيه تركيا والأراضي المحتلة مع بداية عام 2000 مقابل 131.1 مليونا في الولايات المتحدة وكندا من مجموع 246.6 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يبين حجم الفجوة الرقمية بين دول العالم المتقدم ودول العالم النامي.

ويقول تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن المنطقة العربية تأتي في ذيل القائمة العالمية فيما يخص عدد مواقع الإنترنت وعدد مستخدمي الشبكة. أما نسبة العرب من مستخدمي الإنترنت فهي 0.5% من مستخدميها على المستوى الكوني، علما بأن العرب يمثلون أكثر من 5% من سكان العالم.

ويخلص المؤلف إلى أن الصحافة العربية على شبكة الإنترنت ما زالت قاصرة عن استخدام أساليب ومميزات النشر الإلكتروني، ولم يتبلور إدراك كامل لطبيعة الصحيفة الإلكترونية، كما أن الصحافة العربية ما زالت في مرحلة البداية بالنسبة لوجودها في الشبكة، إذ ما زالت ذهنية النشر الورقي هي السائدة في معظم الصحف، وغالبية هذه الصحف لا يتم تحديثها على مدار الساعة بل هي نسخة إلكترونية للصحيفة التي صدرت في الصباح مما أدى إلى إهمال الإمكانيات التفاعلية للإنترنت، وما زالت بعض المواقع تنشر مادتها بصيغة الصورة مما أفقدها ميزة أرشفة المعلومات وإمكانية قص ولصق المادة لمن يريد.

وبينت الدراسة أن 76.4% من الصحف تقوم بتحديث مادتها بما في ذلك الأخبار بعد مرور 24 ساعة. وينحصر هذا النوع في الصحف ذات الأسماء التقليدية المعروفة. أما الصحف التي تقوم بتحديث مادتها باستمرار وفقا للمتغيرات وتنشر الأخبار والصور الإخبارية وتجري اللقاءات السريعة فهي مجموعة الصحف التي نشأت في بيئة الإنترنت ولا تسندها أسماء صحفية معروفة، وهذه تعتمد على جهاز تحرير مستقل ومراسلين يمدون الموقع بالأخبار التي تنشر من مواقعهم أو على خدمات وكالات الأنباء أو على ما تنشره الصحافة المتوفرة في شبكة الإنترنت أو باستخدام نظم طلب الأخبار الآلية.

إن الصحافة العربية على الإنترنت لا يمكن أن تنشأ دون هدف ودون جذور ودون فهم لطبيعة النشر الصحفي في الشبكة، فلا بد من التخطيط لإنشاء الصحيفة بشكل متكامل تتضح عبره أهداف الصحيفة وغايتها.

كما لا يمكن أن تنشأ وتتطور بمعزل عن حزمة من المؤثرات والتطورات في البنى التحتية للاتصالات والحاسوب في العالم العربي، لذلك يجب أن تتطور هذه البنى بما يسمح بإنشاء صحافة إنترنت عربية تتماشى مع خصائص وتقاليد هذا النوع من النشر الصحفي.

أمن النشر الإلكترونى


النشر الإلكترونى هو العملية التى يتم من خلالها تقديم الوسائط المطبوعة Printed-Based Materials كالكتب والأبحاث العلمية بصيغة يمكن استقبالها وقراءتها عبر شبكة الإنترنت, هذه الصيغة تتميز بأنها صيغة مضغوطة Compacted ومدعومة بوسائط وأدوات كالأصوات والرسوم ونقاط التوصيل Hyperlinks التى تربط القارئ بمعلومات فرعية أو بمواقع على شبكة الإنترنت.


أدوات النشر الإلكترونى

هناك عدد من الأدوات المستخدمة فى مجال النشر الإلكترونى على شبكة الإنترنت ومنها:

SGML (Standard Generalized Markup Language)

XML (Extensible Markup Language)

HTML (Hypertext Markup Language)

DVI

Post Script

PDF (Portable Document Format)

وسوف نتناول بالتفصيل ثلاث من هذه الصيغ

1. HTML

هى اللغة التى تستخدم عادة لتصميم صفحات الويب. هذه اللغة تتكون من تعليمات مكتوبة بصيغة ASCII تعرف بالـ Tags, ويتم عن طريق هذه التعليمات وصف طريقة عرض النصوص والرسوم والوسائط الإعلامية الأخرى, كما يمكن عن طريق هذه اللغة تزويد صفحات الويب بنقاط توصيل Hyperlinks وهى نقاط توصل القارئ بأجزاء فى الصفحة المقروءة أو بصفحات أخرى أو بمواقع أخرى على شبكة الإنترنت.

يمكن قراءة صفحات الويب المكتوبة بلغة HTML باستخدام برامج تصفح مثل Netscape أو Microsoft Internet Explorer Navigator . هذه البرامج تقوم بترجمة تعليمات الـ HTML إلى صفحات مرئية, كما تستخدم لغة HTML لعمل صفحات الويب التفاعلية Interactive Forms والتى تعمل بمساندة برامج خاصة مخزنة على أجهزة الكمبيوتر الخادمة Servers تعرف ببرامج الـ CGI والـ ASP.

تتميز لغة HTML بأنها لغة لا تعتمد على نظام تشغيل معين أو جهاز معين Platform And Hardware Independent, إلا أن صفحات HTML لا تستطيع أن تحفظ تنسيق الصفحات Page Layout حيث أنه لا يمكن لمصمم الصفحة أن يتوقع تماماً ما سيظهر على شاشة برنامج التصفح, فقد يتغير شكل الصفحة بتغير برنامج التصفح أو بتغير نظام التشغيل أو بتغير القارئ للحروف Fonts التى يستخدمها برنامج التصفح أو بتغيير حجم الشاشة. فى لغة HTML لا نستطيع أن نتحكم فى تنسيق الصفحة Page Layout بشكل تام إلا أنه يمكن التحكم ببعض جوانب التنسيق مثل حجم العناوين Headings مقارنة بحجم النص الفعلى كذلك يمكن التحكم فى أسلوب النص (مائل, سميك). كما أن لغة HTML تعجز عن عرض الرموز التى نحتاجها فى الأبحاث العلمية كرموز المعادلات والرموز الرياضية وغيرها. يتم عرض مثل هذه الرموز فى صفحات HTML عادة بتحويلها إلى صور Bitmapped.


2. Post Script


هى لغة تم تطويرها من قبل شركة Adobe عام 1985 وذلك لتسهيل طباعة النصوص والرسوم على طابعات الليزر الشخصية وطابعات الـ Image Setters الموجودة فى المطابع. هذه اللغة تعتمد على مجموعة من التعليمات المكتوبة بصيغة ASCII والتى تصف للطابعة الرسوم المصممة بواسطة جهاز الكمبيوتر, وتصف هذه اللغة تنسيق الصفحة Page Layout بشكل دقيق, كما تصف الشكل الذى تطبع به الحروف Fonts من حيث النوع والحجم والأسلوب ......... الخ.

باستخدام برامج معينة يتم وصف الصفحة المصممة على أجهزة الكمبيوتر عن طريق لغة Post Script, بعد ذلك يتم نقل هذه الصفحة الموصوفة من الجهاز إلى الطابعة المجهزة بمفسر للغة Post Script والذى يقوم بتفسير تعليمات هذه اللغة وطبع الصفحة الموصوفة بأقصى جودة تملكها الطابعة (300 نقطة فى البوصة DPI أو أكثر على طابعات الليزر الشخصية و 2540 DPI أو أكثر على طابعات الـ Image Setters) محافظة بذلك على تنسيق الصفحة Page Layout.

ظلت Post Script الصيغة المتعارف عليها لطباعة المنشورات والمطبوعات المصممة عن طريق الكمبيوتر إلى أن استغلت بعد ذلك فى نشر المطبوعات على شبكة الإنترنت وخاصة الأبحاث العلمية, حيث يقوم صاحب البحث العلمى بكتابة بحثه العلمى باستخدام برنامج معالجة كلمات مثل Latex على نظام UNIX أو غيره من برامج معالجة الكلمات ثم يقوم بتحويل بحثه إلى ملف Post Script. هذا الملف يصف بحثه بشكل يحفظ تنسيق الصفحات Page Layout وشكل الحروف والرموز المستخدمة (كرموز المعادلات) ليظهر بعد ذلك عند الطباعة بنفس التنسيق الذى وضعه صاحب البحث, بعد ذلك يضع صاحب البحث ملف الـ Post Script فى صفحته على الإنترنت ليحصل عليه القارئ ويطبعه على أى طابعة ليزر تعمل بنظام Post Script.

يمكن طباعة ملفات Post Script على الطابعات غير المجهزة بنظام Post Script باستخدام بعض البرامج الخاصة. وملفات Post Script هى ملفات مجهزة عادة للطباعة, إلا أن هناك برامح تمكن المستخدم من قراءة ملفات Post Script على الشاشة حيث يترجم ملف Post Script إلى صفحة لتطبع على الطابعة بل تظهر على الشاشة. من هذه البرامج برنامج Ghost Script Viewer. إلا أن ملفات Post Script التى تقرأ من الشاشة ليست واضحة تماماً وليست عالية الجودة, حيث أن جودتها لا يمكن مقارنتها بالنسخة المطبوعة. كذلك فإن ملفات Post Script ليست مجهزة ليتم تزويدها بأدوات Multimedia كالأصوات والرسوم أو بنقاط التوصيل Hyperlinks. كما أنها ليست مجهزة بتصميم صفحات تفاعلية توضع على الويب ويمكن للقارئ تعبئة بعض أجزائها وإرسالها إلى جهاز الكمبيوتر الخادم كما هو الحال فى HTML Forms. كما أن ملفات Post Script كبيرة الحجم إذ ما قورنت بملفات HTML.


3. Acrobat PDF


صيغة PDF هى تقنية طورتها شركة Adobe مطورة لغة Post Script عام 1993, وهى تقنية تهدف إلى نشر وتبادل المعلومات المقروءة إلكترونياً بشكل يحفظ للمادة التى يتم تبادلها الجوانب التالية:

الدقة: بحيث تحفظ تقنية PDF تنسيق الصفحة Page Layout الذى وضعه مصمم الوثيقة أصلاً أثناء تصميمه لوثيقته. وملفات PDF لا يتم إعادة تنسيقها من قبل القارئ عن طريق برنامج التصفح, كما أن القارئ لا يمكن له أن يغير الخطوط التى يحويها ملف PDF بعكس ملفات HTML, فالخطوط Fonts تظهر فى ملف الـ PDF كما وضعها مصمم الوثيقة حيث يظهر الخط نفسه وبنفس الأسلوب (مائل أو سميك على سبيل المثال) وبنفس الألوان. كما أن تنسيق النص لا يتغير على عكس HTML حيث يمكن أن يتغير تنسيق النص بتغير الخط أو بتغير برنامج التصفح. وهذا الأمر ضرورى فى مجال النشر والتصميم وفى مجال الوثائق الرسمية أو العقود. كما أن التنسيق الذى يضعه المصمم يكون له عادة هدف معين. فاستخدام الخط السميك أو المائل أو اللون أو تنسيق النص بطريقة معينة يمكن أن يوصل رسالة معينة وتغيير هذا التنسيق الأصلى قد يغير هذه الرسالة, فملف PDF يعد صورة رقمية للصفحة المطبوعة.

الحجم المضغوط: ملفات PDF صغيرة الحجم وذلك يساعد على نقلها بسرعة عبر الإنترنت, حتى رسوم الـ Bit Mapped والـ Vector-Based التى تحويها ملفات PDF يتم ضغطها أيضاً.

التوافقية: يمكن قراءة ملف PDF من قبل أى مستخدم وعن طريق أى نظام تشغيل باستخدام برنامج Acrobat Reader المتوفر مجاناً على موقع Adobe. فصيغة PDF لا تعتمد نظام تشغيل معين Platform Independent, حيث يمكن قراءة ملف PDF مصمم باستخدام Windows من قبل شخص يستخدم جهازاً يعمل على نظام Macintosh أو UNIX.

جودة العرض والطباعة: ملفات PDF تحفظ للمستخدم أعلى جودة عند قراءتها من الشاشة. كما أنها تسمح للقارئ بتكبير أجزاء من الصفحة دون تأثر الحروف ودون تشويه لشكل الصفحة. ولأن ملفات PDF تعتبر بشكل عام ملفات Vector-Based فإنها تعرض باستخدام أعلى جودة لجهاز العرض حيث تعرض على الشاشة بدقة تصل إلى 72 DPI كما تطبع باستخدام أعلى جودة للطباعة (300 إلى 600 DPI على طابعات الليزر و 2540 DPI أو أعلى على طابعات الـ Image Setters).

عدم الحاجة إلى ربط ملفات PDF بأى ملفات أخرى كملفات الصور وغيرها كما هو الحال فى ملفات HTML حيث أن ملف PDF الواحد يكمن أن يحوى النصوص والرسوم والصور. إضافة إلى ذلك فإن تقنية PDF تملك إمكانيات أخرى توفرها للقارئ والناشر منها:


 المراجعة والتعديل

فى المؤسسات الحكومية أو الهيئات العلمية وغيرها قد تمر الوثيقة الواحدة فى دورة مراجعة حيث تمر على أكثر من مراجع بحيث يقوم كل مراجع بالتطبيق وإبداء الملاحظات وقد يقوم المراجع بالكتابة على هامش الوثيقة أو قد يقوم بإلصاق قصاصات ورقية على بعض الصفحات. بعد ذلك يقوم المراجع بإرسال الوثيقة إلى مراجع آخر إلى أن تكتمل المراجعة والملاحظات. فى نهاية الأمر قد يجد المرء نفسه أمام مجموعة من القصاصات والملاحظات المكتوبة على جانب صفحات الوثيقة دون معرفة من قام بكتابة هذه التعديلات والملاحظات. بل أن الأمر قد يتطور إلى تلف الصفحات الأصلية أو إلى ضياع بعض الأوراق خاصة إذا كانت الوثيقة تنتقل من بلد إلى بلد. من أمثلة هذه الوثائق التى تحتاج إلى مراجعات الرسائل الجامعية التى يتم تبادلها بين الممتحنين الداخليين والخارجيين Internal And External Examiners والمعاملات الحكومية.

يقدم نظام Adobe Acrobat أدوات للتعديل ولتدوين الملاحظات ولكنها أدوات إلكترونية تعرف بالـ Annotation Tools, هذه الأدوات تسمح لمن يقوم بمراجعة ملف Acrobat PDF بوضع ملاحظته على وثيقة PDF على شكل Electronic Notes وهى عبارة عن نوافذ صغيرة تظهر على صفحات PDF وتحوى بعض الملاحظات حول أجزاء معينة فى هذه الصفحات. بعد ذلك يقوم المراجع بإرسال ملف PDF الذى تمت مراجعته إلى مراجع آخر أو يعيدها إلى الشخص المرسل عبر شبكة الإنترنت أو شبكة الـ Intranet الخاصة بهيئة معينة. كذلك يقدم Acrobat أدوات أخرى لإضافة الملاحظات كالخطوط, التظليل أو الأختام التى يستطيع أن يعدلها المستخدم عن طريق اختيار صورة تظهر على شكل ختم.


 التوقيع الرقمى Digital Signature


نحتاج إلى مراكز العمل المختلفة إلى أن نتأكد أن شخص ما قام بمراجعة وثيقة ما بنفسه, أو أن شخصاً معيناً قام بالموافقة على محتويات وثيقة معينة بعد أن قرأ محتوياتها (كالمدير مثلاً). يمكن إجراء ذلك إلكترونياً عن طريق تقنية التوقيع الرقمى التى يمكن استخدامها فى ملفات PDF وهناك نوعان من التوقيع الرقمى متوفران حالياً:


1. التوقيع المفتاحى Key-Based Signature

تقوم هذه التقنية بتزويد الوثيقة الإلكترونية بتوقيع مشفر مميز Encrypted يحدد هذا التوقيع الشخص الذى قام بتوقيع الوثيقة, الوقت الذى قام فيه بتوقيع الوثيقة ومعلومات عن صاحب التوقيع. يتم تسجيل التوقيع الرقمى بشكل رسمى عند جهات تعرف بإسم Certification Authority وهى طرف محايد مهمته التأكد من صحة ملكية التوقيع الرقمى للأشخاص الذين يقومون بتوقيع الوثائق الإلكترونية لتسجيل التوقيع المفتاحى عند الـ Certification Authority.

تقوم الـ Certification Authority بجمع معلومات من حامل التوقيع الإلكترونى المراد تسجيله, بعد ذلك تصدر الـ Certification Authority لهذا الشخص شهادة Certificate تمكنه من التوقيع الإلكترونى على الوثائق الإلكترونية. ويزود هذا الشخص بعد إعطاؤه الشهادة بكلمة سر خاصة تمكنه من استخدام التوقيع الإلكترونى لتوضيح مهمة الـ Certification Authority ونأخذ المثال التالى:

يمكن لشركة معينة أن تتفق مع الـ Certification Authority معينة مثل VeriSign لتكون الجهة الرسمية المخولة بالتأكد من صحة التوقيعات الإلكترونية, بعد ذلك يمكن للأشخاص العاملين فى هذه الشركة تسجيل توقيعاتهم عند Certification Authority , بعد ذلك كلما أراد أحدهما أن يوقع وثيقة معينة, يقوم بإدخال كلمة السر التى أعطيت لهم من قبل الـ Certification Authority, ثم تقارن كلمة السر التى أدخلها مع قاعدة بيانات الـ Certification Authority للتأكد من أن صاحب هذه الكلمة السرية يحمل شهادة منهم بالتوقيع, فإذا تم التأكد استطاع هذا الشخص التوقيع على الوثيقة وصارت الوثيقة تحمل توقيع هذا الشخص.

2. التوقيع البيومترى Biometric Signature

يعتمد التوقيع البيومترى على تحديد نمط خاص تتحرك به يد الشخص الموقع أثناء التوقيع. إذ يتم توصيل قلم إلكترونى بجهاز الكمبيوتر ويقوم الشخص بالتوقيع باستخدام هذا القلم الذى يسجل حركات يد الشخص أثناء التوقيع كسمة مميزة لهذا الشخص حيث أن لكل شخص سلوكاً معيناً أثناء التوقيع. يدخل فى التوقيع البيومترى البصمة الإلكترونية أيضاً.

يتم تسجل التوقيع البيومترى أيضاً عند الـ Certification Authority كما هو الحال فى التوقيع المفتاحى.


 يتم ربط وثيقة الـ PDF بالـ Certification Authority عن طريق برامج مساندة Plug-Ins خاصة تربط برامج Acrobat بالـ Certification Authority عن طريق برامج الـ Plug-In نستطيع من خلال برنامج Acrobat أن نختار أداة التوقيع الرقمى ونقوم بالتوقيع المفتاحى أو البيومترى على وثيقة PDF دون الحاجة إلى برامج خاصة مستقلة. كما يمكن تطبيق أكثر من توقيع رقمى على وثيقة واحدة. كذلك إذا ما أراد مستلم وثيقة ما التأكد من صحة التوقيع الذى عليها, فإنه يستطيع القيام بذلك عن طريق برنامج الـ Plug-In. كما يساعد التوقيع الإلكترونى فى عمل كثير من الجهات التى تتعامل مع عدد كبير من الوثائق التى تحتاج إلى توقيعات من أشخاص عديدين داخل هذه الجهة, فعلى سبيل المثال, إدارة الأغذية والأدوية فى الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج إلى توقيعات الآلاف من الأشخاص على الآلاف من الوثائق خلال عملية التصريح بتداول دواء معين. التوقيع الإلكترونى وصيغة PDF قاما بتسهيل هذه العملية حيث تم استخدامها من قبل هذه الإدارة.

 يمكن كذلك باستخدام تقنية PDF عمل صفحات تفاعلية Interactive Forms كما هو الحال فى لغة HTML . فهنالك الـ PDF Forms التى تعمل تماماً كما تعمل الـ HTML Forms , حيث يمكن ربطها ببرامج CGI أو ASP لتعطى التفاعلية لصفحات الإنترنت, إلا أن نماذج PDF تتميز بقدرتها على التغلب على مشاكل HTML الخاصة بالحفاظ على تنسيق الصفحات Page Layout كما أن الـ PDF Forms يمكن دمجها مع وثائق أكبر تحمل تنسيقات Layouts خاصة كالأوراق الرسمية التى تحتاج إلى تنسيق من نوع رسمى خاص متعارف عليه. الـ PDF Forms وسيلة هامة لجمع المعلومات يمكن أن تستخدمها الشركات والهيئات الحكومية وغيرها.

 مما توفره تقنية PDF أيضاً إمكانية تزويد وثيقة الـ PDF بنقاط توصيل Hyperlinks, Bookmarks, Thumbnails تربط أقساماً معينة فى الوثيقة بأقسام أخرى داخل نفس الوثيقة, وتربط الوثيقة بوثائق أخرى أو بمواقع على شبكة الإنترنت. كذلك تساعد هذه الأدوات القارئ على الوصول إلى المعلومات التى يريدها فى الوثيقة بشكل أسرع. فوثائق الـ PDF ليست وثائق جامدة تقرأ فقط إنما هى وثائق تفاعلية ديناميكية.

 البحث والفهرسة

يمكن البحث في ملفاتPDF عن كلمات معينه أو جمل معينة داخل نفس الوثيقة. كذلك يمكن فهرسة ملفات PDF للتمكن من البحث عنها من قبل بعض محركات البحث Search Engines وعناكب الويب Web Spiders وهي أدوات تستخدم للبحث عن المعلومات الموجودة علي شبكة الإنترنت. حيث أن هناك عدداً من الشركات المتخصصة ببرامج البحث في الإنترنت تنتج منتجات متعلقة بمحركات البحث والفهرسة تدعم صيغة PDF مثل شركة Excaliburكذلك يمكن فهرسة وثيقة أو مجموعة من وثائق ليتم البحث في محتوياتها من قبل المستخدم وذلك باستخدام نظام Acrobat Catalog الذي يقوم بعمل فهرس نصي كامل Full Text Index لمحتويات وثيقة أو مجموعة من الوثائق. والفهرس النصى الكامل Full Text Index هو قاعدة بيانات قابلة للبحث تشمل النص الموجود في وثيقة PDF أو في مجموعة من وثائق PDF.

هذه القاعدة تسمح للمستخدم بالبحث عن معلومة معينة داخل وثيقة أو مجموعة من الوثائق باستخدام كلمات مفتاحية Keywords أو باستخدام البحث المنطقي Boolean Logic.

 الأمن

تمكن تقنية PDF من تحديد مدى النفاذ إلى الوثيقة عن طريق السماح أو عدم السماح للقارئ بتعديل الوثيقة, طباعة الوثيقة, اختيار النصوص ونسخها من الوثيقة. كذلك يمكن تزويد الوثيقة بكلمة سر بحيث لا يمكن فتحها إلا بكلمة السر هذه.

 تتميز بنية Acrobat بأنها بنية مفتوحة Open Architecture حيث يمكن عمل برامج Plug-Ins بلغات برمجة باستخدام أكثر من 1000 API Functions توفرها شركة Adobe للمطورين. برامج الـ Plug-Ins يمكن أن تضاف إلي نظام Acrobat كبرامج مساندة.


كيف يتم صنع ملفات الـ PDF
لعمل ملفات PDF يجب أن يمتلك الناشر برنامج Adobe Acrobat والذي يحوي أدوات منها أداتا PDF Writer و Acrobat Distiller . باستخدام هاتين الأداتين يمكن تحويل أي وثيقة مكتوبة باستخدام أي برنامج معالجة كلمات مثل Microsoft Word أو باستخدام أي برنامج للنشر المكتبي DTP إلى ملف PDF. برنامج PDF Writer يقوم بتحويل الملف مباشرة من صيغة الاصلية إلي PDF. أما برنامج Acrobat Distiller فيقوم بتحويل الملفات المخزنة بصيغة Post Script إلى PDF.

هناك برامج لا يمكن عمل ملفات PDF منها بشكل صحيح إلا باستخدام Acrobat Distiller أي بتحويل الملف إلي Post Script ثم تحويل ملف الـ Post Script إلى PDF. ويحدث هذا عند استخدام بعض البرامج المعدة أساساً لعمل ملفات Post Script كبرامج النشر المكتبي DTP مثل Quark Express. كذلك فأن برنامج PDF Distiller يوفر إمكانيات متقدمة لا يوفرها الـ PDF Writer.


عيوب تقنية PDF
1. لا يملك كل القراء برنامج Acrobat Reader, وقد يجد بعض المستخدمين المبتدئين صعوبة في تحميله من الإنترنت وتركيبه علي أجهزتهم .

2. يصعب تعديل تنسيق الصفحات Page Layout أو تعديل النصوص بعد عمل ملف الـ PDF .

3. عدم وجود خاصية البنيوية Structuring في ملفات الـ PDF كما هو الحال في ملفات XML, SGML, HTML.

4. تتفوق الوثائق المخزنة بصيغة HTML علي تلك المخزنة بصيغة PDF في مرونة تبادل المعلومات بين نصوص الوثائق من جهة وقواعد البيانات Databases, وبرامج الـ CGI وبرامج الـ ASP من جهة أخري.


مجالات النشر الإلكترونى

1. نشر الأبحاث العلمية: حيث يحتاج الطلبة والباحثون إلى توفر هذه المواد تحت أيديهم أثناء بحثهم مهما كانت أماكن تواجدهم والنشر الإلكترونى يسهل ذلك عن طريق الحصول على المواد من المؤلف مباشرة أو من ما يعرف بالأرشيف الإلكترونى Electronic Archives. فعلى سبيل المثال, يمكن للقارئ زيارة موقع دكتور ما للحصول على رسالة الدكتوراه التى كتبها والمنشورة إلكترونياً على الموقع بصيغة PDF.

2. نشر أوراق المحاضرات Lecture Notes والمذكرات: يمكن لأساتذة الجامعات نشر أوراق محاضراتهم إلكترونياً ليحصل عليها الطلبة من مواقع الأساتذة على الإنترنت. فى هذا السياق تحتوى العديد من المواقع فى شبكة الإنترنت على أوراق محاضرات متعلقة بالمقررات التى يقوم أساتذة الجامعات بتدريسها ومنشورة بصيغة الـ PDF أيضاً.

3. نشر الكتب والمراجع الأكاديمية: باستخدام النشر الإلكترونى لا يحتاج الباحث إلى شراء مرجع معين عن طريق البريد ولا يحتاج إلى أن يطلب من زميل فى بلد آخر أن يصور له المرجع حيث يستطيع هذا الباحث الحصول عليه إلكترونياً. من أمثلة شركات النشر المتخصصة فى النشر الأكاديمى والتى اتجهت نحو النشر الإلكترونى مجموعة Bedford, Freeman and Worth Publishing Group. هذه المجموعة كانت تنشر الكتب الأكاديمية Text Books وتزود الكتب بأقراص مضغوطة CD مرافقة للكتاب. هذا الأسلوب مع أنه يجذب عدداً أكبر من الزبائن إلا أنه يزيد من تكاليف النشر. قامت هذه الشركة بالانتقال إلى النشر الإلكترونى فراحت تنشر كتبها على الإنترنت بحيث يشترى الطالب الكتاب من الإنترنت ولا يمكنه الإطلاع عليه إلا بعد الدفع, بهذه الطريقة قللت الشركات من التكاليف وتحولت طريقتها من (اطبع ثم وزع) إلى (وزع ثم دع المشترى يطبع).

4. نشر الأدلة التقنية Technical Manuals: وهى منشورات عادة ما تكون كثيرة التعديل والتنقيح. من أمثلة الأدلة التقنية المنشورة إلكترونياً Aviation Safety Inspector Handbook هذا الكتاب الذى يأتى على شكل ثلاثة مجلدات مكون من أكثر من 6000 صفحة. إلى عهد قريب كان هذا الكتاب يوزع ورقياً على المفتشين الذين يصل عددهم إلى 2400 مفتش, حيث تقوم إدارة الطيران الفيدرالية بكتابة الكتاب وتصميم الرسوم ثم يرسل إلى مكتب الطباعة الحكومى Government Printing Office الذى يقوم بطباعته وتنسيقه وهو أمر مكلف جداً, إضافة إلى ذلك فإن فترة إعداد الكتاب تستغرق شهرين أو ثلاثة تمثل مشكلة حيث أن المفتشين يحتاجون إلى المعلومات الحديثة Up-to-Date متوفرة بين أيديهم متى أرادوا ذلك. إلا أن الأمر تغير بعد ذلك إذ اتجهت إدارة الطيران الفيدرالية إلى نشر الكتاب إلكترونياً على الإنترنت عن طريق تصميمه باستخدام برنامج Adobe Frame Maker ثم تحويله إلى PDF ووضعه على الإنترنت ليستفيد منه المفتشون.

إن تحويل الكتاب إلى PDF لا يعنى فقط توفيراً لتكاليف الطباعة والتوزيع, بل يعنى أيضاً حلاً لمشكلات تنظيمية. فمحتويات الكتاب دائمة التغيير حيث أن الأنظمة والقوانين الخاصة بصناعة الطيران دائمة التغيير والتحديث. فى هذا السياق يستلم المفتشون تعديلات Updates للكتاب على شكل مئات الصفحات كل عام. قديماً كانت هذه التعديلات ترسل إليهم بالبريد الإلكترونى فيضطر المفتش إلى طباعتها وفتح المجلدات وإزالة الأوراق القديمة من المجلد المطبوع ووضع الأوراق الجديدة مكانها حتى أن المفتش كان يقضى ساعات أسبوعياً لتعديل مجلداته وتحديثها. أما الآن فالكتب المعدلة المنقحة توضع على الويب بصيغة PDF متى توفرت التعديلات Up-to-Date ثم ترسل إلى المفتشين رسالة بالبريد الإلكترونى تخبرهم بوجود تعديلات ويذكر لهم الموقع الذى توجد فيه التعديلات. معنى هذا زيادة الوقت الذى يقضيه المفتشون فى ميدان العمل بدلاً من تضييعه فى ترتيب الأوراق.

لم يعد هذا الاتجاه بالفائدة على إدارة الطيران الفيدرالية وحدها بل حتى على مصنعى الطائرات الذين يعتمدون على هذا الكتاب للتأكد من مطابقة طائرتهم لمتطلبات المفتشين فى إدارة الطيران الفيدرالية. فبدلاً من أن يتصل مصنعو الطائرات بإدارة الطيران الفيدرالية وينتظروا حتى يصلهم الدليل يمكنهم الحصول عليه مباشرة من الإنترنت.

5. أنظمة الطبع عند الطلب Print on Demand: يساعد النشر الإلكترونى على تصميم أنظمة Print on Demand فى الشركات التى تصدر وثائق متفرقة تحوى معلومات دائمة التحديث مثل المعلومات الخاصة بالسلع التجارية, فبدلاً من طباعة هذه المواد كل فترة وتوزيعها على الموظفين والزبائن, يتم وضعها على الويب وبإمكان الموظفين أو الزبائن النفاذ إليها وطباعة ما يريدون متى أرادوا ذلك حسب طلبهم.


الجهات التى تستخدم النشر الإلكترونى

من الجهات التى تستخدم النشر الإلكترونى حالياً:

وكالة الفضاء الأمريكية NASA

تشترك حالياً وكالة الفضاء الأمريكية مع منظمات الفضاء فى عدد من الدول فى مشروع محطة الفضاء العالمية ISS والمصممة لعمل تجارب حتى نهاية 2012. قامت وكالة الفضاء الأمريكية بتصميم ما يسمى بمكتبة معلومات Fact Sheet Library مكونة من مجموعة من الوثائق الإلكترونية حول هذا المشروع موضوعة على الويب.

إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية Food and Drug Administration

خلال عملية التصريح لدواء معين مقدم من إحدى شركات الأدوية, تطلب إدارة الأغذية والأدوية من الشركة المنتجة – كجزء من متطلبات السلامة – تعبئة جبل من الوثائق والنماذج والعرائض يصل مجموعها إلى 1000 كجلد, كل مجلد منها يحوى 300 صفحة تسلم على 3 نسخ. هذه الأوراق كانت سبباً من أسباب التأخر فى التصريح للأدوية. وتتم عملية التصريح الآن عن طريق الطلب من الشركات بأن يقدموا طلباتهم على شكل PDF بدلاً من أطنان الأوراق التى يقومون بإعدادها وتصويرها. كذلك فإن إدارة الأغذية والأدوية وفرت مساحات التخزين حيث كانت تخصص غرفاً فى مبانيها لتخزين الأوراق. كذلك فإن عمل الموظفين فى الإدارة صار أسهل فقديماً كان الموظف إذا ما احتاج معلومة عن دواء ما فإن عليه أن يقوم بطلب الورقة المتعلقة بتلك المعلومة فتصله بعد يوم أو أكثر من غرفة التخزين.

استبدلت غرف التخزين بجهاز الكمبيوتر الخادم Server وشبكة Intranet التى يستطيع من خلالها الموظف النفاذ إلى الوثائق التى يريدها وبسرعة مما يسهل من عملية التصريح. كذلك يستطيع الموظفون استغلال ميزة البحث Search للبحث عن المعلومات. أضف إلى الذى أنه بعد التصريح للدواء, قد يعدل المصنع فى هذا الدواء فيرسل إلى إدارة الأغذية والأدوية هذه التعديلات مما يعنى الحاجة إلى الرجوع إلى الوثائق الأصلية الأولى, وبالطبع فإن الرجوع إلى ملفات PDF أفضل من الرجوع إلى أوراق متراكمة.

فى سنغافورة أيضاً يتم استخدام صيغة PDF لتبادل الوثائق حيث يتم الاعتراف بوثيقة PDF كدليل قانونى.

تستخدم صيغة PDF فى المحاكم الأسترالية الآن.

وزارة الدفاع الأمريكية تستخدم تقنية PDF لعمل الأدلة التقنية Technical Manuals.

وزارة الطاقة الأمريكية.

شركة Bull لأنظمة المعلومات, والتى تقوم بنشر مجموعة من أدلة استخدام البرامج والأجهزة ثم تقوم بتوزيعها على العملاء وموظفى خدمة الزبائن. عن طريق نشر هذه الأدلة إلكترونياً بصيغة PDF على الإنترنت وعلى الأقراص المضغوطة CD استطاعت الشركة أن توفر 70000 دولار سنوياً تصرف على النقل والشحن فقط وأكثر من مليون دولار تصرف على الطباعة.

شركة Fujetsu Network Communication.


مزايا النشر الإلكترونى


1. تقليل التكاليف

أكثر التكاليف التى يتحملها الناشر أثناء نشره لكتاب معين هى تكاليف الطبع والتوزيع والشحن. فى النشر الإلكترونى لا توجد مثل هذه التكاليف, حيث يتم الشحن عبر شبكة الإنترنت (أى أن شبكة الإنترنت ستأخذ دور الناقل) والطباعة تتم من قبل المستخدم إذا أراد طباعة المادة بدلاً من قراءتها على الشاشة (فالمستخدم يدفع تكاليف الأوراق والحبر والتجليد بدلاً من الناشر). هذا الأمر يغير المبدأ التقليدى عند الناشرين, فبدلاً من مبدأ (اطبع ثم وزع) صرنا أمام مبدأ (وزع ثم اجعل المستخدم يطبع). فتكاليف الورق والحبر والطباعة والصيانة والتجليد والتغليف ...... انتقلت الآن إلى المشترى بينما يربح الناشر الآن ربحاً صافياً لقاء المادة المنشورة إلكترونياً دون وجود تكاليف للطباعة والشحن. كذلك فإن النشر الإلكترونى يساعد الباحثين على تقليل التكاليف المتعلقة بتبادل الرسائل العلمية كرسائل الدكتوراه. فالباحث إذا أراد أن يرسل إلى زميل له نسخة من رسالة الدكتوراه التى كتبها فإن على هذا الباحث أن يتحمل تكاليف تصوير وتجليد الرسالة المكونة عادة من 200 أو 300 صفحة أو أكثر, كذلك فإن عليه أن يتحمل تكاليف إرسال الرسالة بالبريد إذا كان الزميل خارج بلده, ناهيك عن إمكانية ضياع الرسالة خلال رحلتها من بلد إلى بلد. أما الآن فإن الباحث يستطيع أن ينشر رسالته إلكترونياً من موقعه على الإنترنت ليحصل عليها الباحثون فى كل مكان متى أرادوا دون أن يتحمل الباحث تكاليف التصوير والتجليد والنقل.



2. اختصار الوقت

فالمستخدم لا يحتاج إلى أن يبحث عن كتاب معين فى المكتبات ولا يحتاج إلى مراسلة باحث معين كى يحصل على بحث أو رسالة دكتوراه. كل ذلك يمكن أن يتم فى دقائق عبر الإنترنت عن طريق زيارة موقع موزع الكتب الإلكترونية أو عن طريق زيارة موقع باحث معين على الإنترنت.


3. سهولة البحث عن معلومات معينة

بدلاً من تصفح كل صفحات الكتاب أو البحث المطبوع يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يبحث عن كلمة أو كلمات بشكل آلى. وباستخدام تقنيات علم لغة الكمبيوتر Computational Linguistics يمكن أن يطور هذا البحث إلى بحث يتم باستخدام اللغة الطبيعية Natural Language.


4. التفاعلية Interactivity

باستخدام ما يعرف بنقاط التوصيل Hyperlinks يمكن أن يتم توصيل القارئ أثناء قراءته بمعلومات إضافية, مواقع على الإنترنت, توضيحات لكلمات معينة, أصوات ......... الخ. حيث يضغط القارئ على كلمة معينة لينتقل إلى مواد إضافية.


5. توفير المساحة

باستخدام تقنية النشر الإلكترونى يمكن الاستغناء عن المساحات التى تحتلها الوثائق المطبوعة, حيث يمكن استبدال تلك المساحات بجهاز كمبيوتر خادم Server توضع عليه الوثائق الإلكترونية ويكون موصولاً بشبكة الإنترنت أو بشبكة الـ Intranet الخاصة بهيئة معينة.


6. متابعة الزبائن بعد شراء الكتاب الإلكترونى من قبل الناشر, حيث يستطيع الناشر متابعة الزبائن عن طريق إرسال الرسائل إليهم عبر البريد الإلكترونى.


7. إمكانية نشر وبيع أجزاء من الكتب حسب حاجة القراء, حيث يمكن بيع فصل Chapter من كتاب معين أو حتى أقسام Sections من فصل معين.


8. سهولة تعديل وتنقيح المادة المنشورة إلكترونياً وسهولة حصول القارئ على التعديلات والإضافات. هذا الأمر يحدث عادة فى مجال الأدلة التقنية Technical Manuals وفى مجال الكتب الدراسية الأكاديمية Academic Text Books. باستخدام النشر الإلكترونى لا يحتاج الناشر إلى إعادة طباعة الكتب بالتعديلات والتعديلات الجديدة, كل ما يحتاجه فقط هو تعديل المادة المخزنة إلكترونياً باستخدام برامج معالجة الكلمات أو برامج النشر المكتبى DTP ثم وضع المادة بالتعديلات الجديدة على شبكة الإنترنت.


9. النشر الذاتى Self Publishing

يتيح النشر الإلكترونى للباحثين والمؤلفين نشر إنتاجهم مباشرة من مواقعهم على شبكة الإنترنت دون الحاجة إلى مطابع أو ناشرين أو موزعين.


10. الحفاظ على البيئة

النشر الإلكترونى يقلل من استخدام الورق وهذا يعنى الحفاظ على الأشجار التى تقطع عادة وتحول إلى أوراق.


عيوب النشر الإلكترونى

1. جودة الحروف المقروءة على الشاشة لا تعادل جودة الحروف المطبوعة, حيث لا يمكن مقارنة جودة حروف الكتاب الذى يقرأ على الشاشة بجودة حروف الكتاب المطبوع. إذ لا يمكن مقارنة جودة عرض الشاشة التى تصل إلى 72 أو 100 DPI بجودة النسخة المطبوعة التى تصل إلى 600 DPI على طابعات الليزر و 2540 أو أكثر على طابعات Image Setters المستخدمة فى المطابع.

2. الحاجة إلى وجود بنية تحتية Infrastructure فى مجال الاتصالات والأجهزة والبرمجيات لتوفير الكتب المنشورة إلكترونياً.

3. تكاليف أنظمة الحماية الخاصة بإدارة الحقوق الرقمية DRM.

4. الحاجة إلى تعلم استخدام بعض البرامج للحصول على الكتب الإلكترونية ولقراءة هذه الكتب.

5. عدم وجود مقاييس موحدة Standards للكتب الإلكترونية بشكل عام ولأجهزة Book Readers بشكل خاص.

6. الكتاب العادى غير حساس ويتحمل ظروف الاستخدام اليومية خلافاً لجهاز الـ E-Book Reader.


حماية المواد المنشورة إلكترونياً


لعل من أهم الأسباب التى تمنع الناشرين من نشر معلوماتهم على شبكة الإنترنت الخوف من النسخ غير المشروع والخوف على حقوق المؤلفين الفكرية. ويمكن حفظ حقوق المؤلفين الفكرية عن طريق تقنية تعرف بتقنية إدارة الحقوق الرقمية Digital Right Management (DRM). وهى تقنية تهدف إلى تمكين الناشرين من النشر المأمون للممتلكات الفكرية كالكتب وغيرها بشكل رقمى عبر شبكة الإنترنت أو عبر أى وسيط إلكترونى كالأقراص المدمجة CD ووسائط التخزين المتنقلة Removable Media. وتتكون هذه التقنية من مجموعة برامج تمكن الناشر من:

تشفير Encryption المواد الرقمية Digital Materials المراد نشرها.

التحكم بالنفاذ إلى المواد الرقمية عن طريق السماح للزبائن بالنفاذ إلى هذه المواد بعد دفعهم لتكاليف معينة. وبعد شراء الزبون حق النفاذ إلى المادة الرقمية يعطى مفتاحاً رقمياً مع قيود خاصة على الطبع أو النسخ أو التعديل أو غير ذلك من القيود.

متابعة من يقوم بالنفاذ إلى هذه المواد والتأكد من حصول الأطراف المشاركة فى إنتاج المادة الرقمية على حقوقهم المالية من الشركات المتخصصة فى أنظمة الـ DRM مثل XEROX, RECIPROCAL, INTERTRUST.


كيف تعمل تقنية DRM


لتوضيح طريقة عمل تقنية DRM نتحدث أولاً عن برنامجين من برامج الـ DRM أطلقتهما شركة Adobe ليتم استخدامهما من أجل تبادل المواد المنشورة إلكترونياً بصيغة PDF بشكل مأمون وهما:

PDF Merchant

Web Buy


برنامج PDF Merchant هو برنامج لأجهزة الكمبيوتر الخادمة Server-Based Program وصمم ليدمج مع أجهزة الكمبيوتر الخادمة الخاصة بالمعاملات المالية والتجارة الإلكترونية. هذا البرنامج يقوم بحماية ملفات PDF عن طريق تشفيرها وعمل المفاتيح التى تسمح بالنفاذ إلى الملفات المشفرة بعد شراء تلك المفاتيح. هذا من جهة جهاز الكمبيوتر الخادم Server Side أما من جهة جانب المستخدم Client Side , فهناك برنامج Web Buy وهو برنامج يستخدم مع برنامج Acrobat Reader ليسمح للمستخدم قراءة ملفات PDF التى تم تشفيرها بواسطة PDF Merchant وذلك باستخدام المفاتيح الخاصة.
__________________
الكتاب الالكترونى بين المزايا والعيوب
(مستقبل العلاقة بين الكتاب الورقى والكتاب الالكترونى)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد الكاتب: مجدى شلبى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة

قبل تناول قضية الكتاب الالكترونى ـ موضوع البحث ـ أود الإشارة إلى أن التقنية الحديثة رغم توفيرها لهذا الإسلوب المتطور تطوراً مذهلاً تظل عاجزة وحدها عن التقدم خطوة جديدة إلى الأمام فى هذا المجال دون وجود إنتاج أدبى جيد يرتقى بالذوق الثقافى العام ، وقارىء يتطلع لتنمية معارفه ، ومجتمع يحفز هذا وذاك ويوفر مناخاً ثقافياً مواتياً ...ولاشك أن برنامج (القراءة للجميع) يًعد من أبرز وأنجح البرامج التثقيفية التى تحقق تلك الأهداف وتفسح المجال أمام الأجيال الصاعدة الواعدة للتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والإبداع العلمى والأدبى فى ظل ما يحققه النشر الالكترونى من مزايا عديدة ـ سيرد ذكرها تفصيلاً ـ كما أضحى الطريق ممهداً للكُتاب والمبدعين ـ بإزاحة عوائق التكلفة والرقابة ـ للانطلاق نحو آفاق أرحب:* فهل سيستطيع الكتاب الالكترونى إغراء المبدع والمتلقى لارتياد هذا السبيل الجديد ؟* وما عيوب تلك الوسيلة الجديدة إذا عقدنا مقارنة بينها وبين الكتاب التقليدى؟* وهل سيستطيع القارىء ـ بسهولة ـ التخلى عن تلك العلاقة الحميمة بينه وبين الكتاب الورقى ؟تلك الأسئلة وغيرها هى محور هذا البحث الذى أبدأه بنزهة تأملية فى متن المعاجم اللغوية التى أوردت لفظ (كتاب) بمعانٍ عده منها :* كتاب : رسالة (أرسلت له كتاباً أعلمته فيه بنجاح ابنه)* كتاب : القرآن الكريم (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق)وقد يأتى بمعنى التوراة والإنجيل (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا)* كتاب : الأجل أو القدر (لكل أجل كتاب)وحيث أن الكتاب الورقى (طبقاً لما ورد بمعاجم اللغة) : صحفاً مؤلفة ومجموعة .. وجب أن نعرج سريعاً على التطور التاريخى للكتابة والتدوين من استخدام النقوش والرسوم الرمزية كوسيلة للتعبير (اللغة المسمارية والهيروغليفية) مروراً بأول كتاب طُُبع على وجه الأرض بطريقة الكتل الخشبية عام 868 ميلادية ... وصولاً إلى (الكتاب الالكترونى)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من نقوش الفراعنة إلى كتابة المدونات
(1) تطور اللغة :
تُعد اللغة الهيروغليفية هى أساس لغات العالم فقد أخذها عنهم الفينيقيون 1100 قبل الميلاد ثم حولوها إلى أبجدية عُرفت باسم (الأبجدية الفينيقية) والتى هى عبارة عن حروف ، وكل حرف يمثل صوتاً معيناً وبهذا وضعوا أساساً لأبجدية الكتابة فى الشرق ... وبعدما أعقبهم الإغريق (403 قبل الميلاد) قاموا بتطوير تلك الأبجدية التى نقلوها عن الفينيقيين حتى أضحى لهم أبجديتهم الخاصة والتى تُعد أساساً لأبجدية الغرب ... ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد جاء الرومان فعدلوا فى الأبجدية الإغريقية على نحو : الإبقاء على 12 حرفاً منها كما هى ، وعدلوا سبعة أحرف ، وأعادوا ثلاثة أحرف كان قد بطل استعمالها ، وهى تلك الأبجدية التى اعتمدت عليها اللغة اللاتينية ، ومازالت تُستعمل حتى اليوم بعد أن تم إجراء قليل من التعديلات عليها ..... أما الأبجدية العربية فقد اشتُقت من الكتابة الســـــامية التى اشتُقت بدورها من الأبجدية الفينيقية وقد وصلت إلى العرب عن طريق الأنباط الذين كانوا يقطنون شمال الجزيرة العربية ، ومع تدوين القرآن وانتشار الإسلام انتشرت اللغة العربية وأثرت الفارسية والأفغانية والتركية ...
(2) تطور الكتابة :
لقد تطورت الكتابة تطوراً كبيراً فانتقلت من النسخة المخطوطة إلى النسخة الالكترونية مروراً بما يمكن تسميته (الثورة المطبعية) فقد كان اختراع المطبعة فى منتصف القرن الخامس عشر على يد الألماني يوحنا جوتنبرج نقلة مذهلة نحو فتح أفاق جديدة فى عالم الطباعة والنشر ... ولعل من الطريف أن نذكر أن هذا المخترع العبقرى قد مات فقيراً .. فى الوقت الذى يُثرى غيره بفضل اختراعه ثراءاً فاحشاً ! ومن المعلوم أن أول استخدام للمطابع كان لنشـــر المطبوعات الدينية ثم تلاها ظهور الصحف التى كانت تباع بأسعار زهيدة .. ولم يمضى قليل وقت على بزوغ شمس هذا الاختراع المبهر حتى تدخلت الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وفرضت سيطرتها الكاملة على المطابع باعتبارها أداة اتصال وتأثير...ولما كانت الطباعة فى حاجة إلى خبرات لم تكن متوافرة في البداية في العالم العربى تأخر الانتقال من عصر المخطوطات إلى المطبوعات قروناً (من القرن الخامس عشر حتى القرن التاسع عشر) : ففي دير القديس مار يوحنا بلبنان تأسست المطبعة العربيّة الأولى في الشرق والتي إستخدمت الحرف العربي عام 1733موفي مصر جلب الفرنسيون فى حملتهم أول مطبعة عربية تدخل البلاد عام 1798، وكان يرافق تلك الحملة علماء في التاريخ والجغرافيا والطب واللغة... ولكن البداية القوية والحقيقية للطباعة في مصر كانت عام 1822 عندما أنشأ محمد على مطبعة بولاق ، وقد نشرت هذه المطبعة في الفترة بين عامي 1822 و 1842 أكثر من 240 كتابا توزعت على المواضيع العسكرية والحربية والعلوم البحتة والتطبيقية ثم العلوم الإنسانية والاجتماعية.... عمل فارس الشدياق (من أهم رواد ثقافة الطباعة وكان قد عمل عام 1827 في مطبعة الجمعية التبشيرية الإنجيلية في مالطة) في صحيفة الوقائع المصرية التي أنشأها محمد علي ولعله أول العرب الذين مارسوا مهنة الصحافة... كما نشر مجموعة من الكتب التعليمية في الجغرافيا والتاريخ كان قد طبعها في مالطة، وترجم كتبا عن الإنجليزية، وأصدر الطبعة الأولى من كتاب جبريل فرحات "بحث المطالب" في النحو العربي عام 1836 في مالطة، وكان هذا الكتاب أول مخطوط يطبع وينشر على يديه .إن ما أردته من استعراض هذا التاريخ هو التأكيد على حقيقة أن التطور مستمر فمن الطبيعى أن تبرز وسائل جديدة لنقل المعلومات والرؤى والأفكار ... ومن الطبيعى أن يتعامل معها الإنسان دون خوف أو وجل ....فما نراه اليوم عجيباُ ومدهشاً ستنظر إليه الأجيال القادمة على أنه عادى جداً .. وإذا لم نواكب التقنية الحديثة حكمنا على أنفسنا بالانقراض ... يقول تونى أوتينكر من جامعة هارفرد " على الإنسان أن يختار بتعقل خطى مستقبله خشية أن يرقص رقصـــــة الديناصور، وإذا ما كان الإنسان قد عاش على هــــذا الكوكب شهراً أعظم واحد، فإن الدينــــاصور قد عاش 40 شـــــهراً أعظـــم ثم انتهى به الأمر إلى الانقراض." ..... وقبل أن نعقد مقارنة بين الكتاب الورقى والكتاب الالكترونى يلزم أولاً أن نجيب على السؤال : مامعنى الكتاب الالكترونى ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما معنى (الكتاب الالكترونى) ؟
إن أول استخدام لمصطلح (الكتاب الالكترونى) (E-book) كان فى نهايات القرن الماضى (عام 1990) مع بداية استخدام طريقة تخزين ونشر الوثائق إلكترونياً (رقمياً) وعليه يعرف (الكتاب الالكترونى) بأنه صيغة رقمية لنص مكتوبولقد عرفت الدكتورة هبه محمد في مجلة (الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات) الكتاب الالكترونى بأنه : مصطلح يستخدم لوصف نص مشابه للكتاب ولكن في شكل رقمي ، وذلك ليُعرض على شاشة الكمبيوتر... فأي موسوعة مخزنة على قرص مليزر تعتبر كتاباً إلكترونياً.وقد أورد الأستاذ أحمد فضل شبلول فى مقاله المنشور بموقع جريدة المنارة نقلاً عن كتاب (الكتاب الإلكتروني : القراءة ، الإعداد ، التأليف ، التصميم ، النشر ، التوزيع) للكاتب المهندس عبد الحميد البسيونى .. تعريفاُ للكتاب الالكترونى بأنه " الكتاب الذي يمكن قراءته على الحاسب أو أي جهاز محمول باليد." ويتم توزيعه كملف واحد، ويأتي كعنصر كامل مكتمل بمعنى أنه ليس فصلا أو جزءا من كتاب أو سلسلة أو أنه مازال قيد الانتهاء، ويتراوح طوله بين 25 ألف و400 ألف كلمة. ومن مزايا الكتاب الالكتروني أنه يمكن طلبه وتسليمه فوريا عبر الوسائط الإلكترونية ، وأنه مضغوط ومريح ويمكن حمله والتنقل به ، ويزيد من القدرة على التحكم في شكل العرض مع خصائص رقمية لتدوين الملاحظات والبحث والتحول إلى نص مقروء ، مع سرعة البحث عن المعلومات، وتحويل النص إلى صوت ، كما يمكن قراءته في إضاءة جزئية أو في الأماكن المظلمة، بالإضافة إلى قلة تكلفة توزيعه إلى حد كبير."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاريخ الكتاب الالكترونى
تعود فكرة الكتاب الإلكتروني إلى أوائل التسعينات وأحد مبتكريها هو " بوب ستاين " الذي عقد مقارنة بين القراءة من خلال الشاشة الكمبيوترية والقراءة من الكتاب الورقى فتوصل إلى نتيجة مفادها أن القراءة من جهاز إلكتروني تتميز على القراءة من كتاب تقليدى بمزايا عديدة (سيرد ذكر المزايا لاحقاً).... غير أن البعض قد اعترض على ما توصل إليه من نتيجة على اعتبار أن الكمبيوتر أثقل حجماً من الكتاب العادى فضلاً عن العديد من العيوب التى حاول المبتكرون تلافيها حتى توصلوا إلى أجهزة إلكترونية أخف حملاً وتم إدخال العديد من البرامج التى تتيح للقارىء أمكانية وضع علامات على الصفحات وإمكانية التسجيل على حواشي الكتاب ، وإمكانية قراءته في الظلام أو الضوء الضعيف حيث زودت بعض الأجهزة بوحدات إضاءة ، فضلاً عن تحول الكتاب إلى النظام السمعى فى حالة الإجهاد البصرى ... هذا وقد أورد جمال عبد العزيز الشرهان فى كتابه (الكتاب الإلكتروني) أســـــباب انتشـــــار صناعة النشر الإلكتروني (الكتــــاب الإلكتروني) بـــــدلاً من الكتاب الـــورقي (التقليدي) فى نقاط :
● التضخم الهائل في حجم المطبوعات الورقية.
● ارتفاع التكلفة المادية للطباعة سواء من حيث العمالة أو الورق أو الحبر أو غير ذلك في دور النشر التقليدية.
● ظهور قواعد المعلومات والأقراص المضغوطة وانتشار استخدامها.
● انتشار استخدام الحاسب الآلي في المكتبات ومراكز المعلومات والقطاع الخاص والقطاع الشخصي.
● انتشار استخدام الخط المباشر (on-line) في المكتبات، واسترجاع المعلومات من الحاسب الآلي المركزي عن طريق الموزع (server).
● استخدام الحاسب الآلي في التضعيف الصوتي من قبل الناشرين.
● ربط تكنولوجيا الحاسب الآلي وتقنيات الاتصالات المتعددة للوصول إلى المعلومات.
● إنشاء وتطوير نظم المكتبات الإلكترونية.ويعد الكتاب الإلكتروني من التطورات الحديثة في نظم أجهزة معالجة النصوص، التي تمكن القارئ من الانتقال من فصل إلى آخر أو من موضوع إلى آخر أو من فقرة إلى آخرى من خلال تحديد ما هو مطلوب بواسطة استخدام مؤشر الحاسب (mouse) ليتم بعدها الانتقال المباشر إلى الموضع المحدد.أما هبة محمد فتتوقع أن ينجح الكتاب الالكترونى فى مجال كتب النصوص أكثر من المجال الترفيهى ، وعلى هذا فإن الكتاب الإلكتروني هو:1- قراءة نص إلكتروني على جهاز معين مثل _ جيم ستار _ (gem star).2- أو قراءة نص إلكتروني على جهاز حاسب شخصي أو محمول أو كمبيوتر اليد وهذا يعني في بعض الأحيان تحميل النص بأكمله على الجهاز ثم قراءته من خلال برمجيات مخصصة لهذا الغرض أو قراءته مباشرة على الخط المباشر من خلال المتصفحات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مزايا الكتاب الإلكتروني
* الحفاظ على البيئة من خلال الحد من التلوث الناتج عن نفايات تصنيع الورق.
* توفير الحيز المكانى* إتاحة المعلومات السمعية لفاقدي البصر
* تقليل الوقت والجهد المستخدم في عملية التزويد.
* ضمان عدم نفاذ نسخ الكتاب من سوق النشر، فهي أنها متاحة دائما على الإنترنت ويستطيع الفرد الحصول عليها في أي وقت.
* إتاحة الفرصة أمام المؤلف لنشر كتابه بنفسه إما بإرساله إلى الموقع الخاص بالناشر أو على موقعه الخاص* الكتاب الإلكتروني أقل تكلفة على القارئ من الكتاب الورقي.
* القدرة على تخطى الحواجز والموانع والحدود والتعقيدات التى يصادفها الكتاب الورقى
* التخلص من قيود الكمية للطبعات وعدم نفادها.
* الكتاب الإلكتروني يتيح التفاعل المباشر بين الكاتب والقارىء
* توفير تكلفة الطباعة والتوزيع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عيوب الكتب الإلكترونية
* إمكانية انتهاك حقوق الملكية الفكرية* ضوء الشاشة المزعج والمجهد للعين
* عدم توفر أجهزة القراءة على نطاق واسع* التغيرات التكنولوجية المتلاحقة والتى تجعل من الجهاز الحديث بائداً بعد شهور قليلة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكتاب الالكترونى والذكاء الفنى
يقول السيد إيريك واليوس ، وهو رئيس تنفيذي لإحدى الشركات المهتمة بالكتاب الإلكتروني : "في الأسبوع الماضي جلسنا مع مديرة إحدى المدارسلبحث إمكان توفير نظام كتاب إلكتروني لطلبتها ..وبعد نقاش مطول وقائمة كبيرة من الأسئلة عن الموضوع كان ملخص رد فعل المديرة هو قولها:" أنت بحاجة إلى أن تفهم أن معظم طلبتنا ليسوا بالذكاء المطلوب لفهم هذه الأجهزة الفنية، ولذلك لن يكون لديهم الاستعداد لمثل هذا الشيء ".ويضيف إيريك :" حسناً .. بإمكاننا مناقشة هذا المنظور قليلاً باحثين درجة الذكاء الفني المطلوب للكتاب الإلكتروني محل البحث وما يتضمنه من إتقان لزرين (مفتاحين) وعدد قليل من الأيقونات، والمهم أنه، وخلال عرض لمجموعة من الأطفال من الصف الرابع الابتدائي ولمدة عشر دقائق، عرف هؤلاء الأطفال خلالها أكثر مما عرفت عنه مدرستهم ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التقنية تحقق القدرة على التعبير
إذا كان (جي ـ بولتر) في معالجته لحضارة الغرب في عصر الكمبيوتر 1989م قد قال : " تضخم هائل في عدد السكان، وندرة في المصادر، وتدهور في البيئة، وربما ينفرد جيل هذا العصر في أن مشاكله وبشائر نجاحه تتأتى من مصدر واحد: الإنجازات الخارقة للعلوم والتقنية .وإذا ما بقيت العوامل الأخرى ثابتة فإن الرجال والنساء ليسوا أكثر من أسلافهم جشعاً أو عنفاً، أو شفقة، أو حكمة، أو حماقة، لكنهم يجدون أنفسهم قد سيطروا على تقنية تزيد من قدراتهم على التعبير عن هذه الخصائص التي هي إنسانية إلى حد بعيد. إن التقنية تمكنهم من إعادة تشكيل الطبيعة لتلائم احتياجاتهم وتعديلها إلى أقصى حد ممكن من تصوراتهم ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و(للكتاب المطبوع مستقبل)
فقد ذكر( إمبرتو إيكوا) في محاضرته القيمة التي ألقاها في مكتبة الإسكندرية بمناسبة افتتاحها : "كانت المكتباتُ عبر القرون وسيلةً مهمة للحفاظ علي الحكمة الجماعية. وكانت ومازالت نوعا من العقل الكوني الذي يمكننا من خلاله استعادة ما نسيناه أو معرفة ما نجهل من الأمور أو المعلومات. ولذا فالمكتبة هي أفضل ما صممه العقل البشري لمحاكاة العقل الإلهي حيث تري فيها الكون بأكمله وتفهمه في ذات الوقت." ثم يردف: "المقالات التي تنشرها الصحف والأبحاث التي يقدمها بعض الباحثين الأكاديميين تتحدث كثيرا عن احتمالية موت الكتاب وذلك في مواجهة عصر الكمبيوتر والإنترنت. فلو كان لزاما علي الكتب أن تختفي، مثلما حدث لألواح الطين والمسلات التي تنتمي لحضارات عصور سحيقة لكان هذا سببا وجيها لإلغاء المكتبات ، على أنني أنتمي إلي تلك الحفنة من الناس التي مازالت تعتقد أن للكتاب المطبوع مستقبلا. وأن جميع المخاوف المتعلقة باختفائه ما هي إلا مثال آخر لبعض المخاوف المرعبة المتعلقة بانتهاء شيء ما، بما في ذلك انتهاء العالم." وتكلّم إيكو عن تخوّف الفرعون القديم من اختراع الكتابة التي من الممكن أن تعطل الوظائف الحيوية للعقل البشري ومقدرته على التذكّر. هو ذاته الخوف الأبدي من كل مستحدث تكنولوجي جديد من تعطيل قدرات حيوية يمتلكها الإنسان بالفعل دون هذه التقنية الوليدة. وهو ذاته خوف القس كلود فرولو في نوتردام هيجو، الذي بدأت به ورقتي، على جدران كاتدرائيته الحبيبة جراء اختراع المطبعة. وهو ذاته خوف الفنانين على فنّهم حين اختُرعت الكاميرا الفوتوغرافية. وهو هو خوفنا على لغتنا العربية المكتوبة من جراء سيادة ثقافة الصورة في منتصف القرن الماضي ثم من غول مستحدث اسمه الرقمية والانترنت. .. على أن الحاسب الآلي عند ظهوره الأول في الوجود كان مجرد آلة تستطيع فقط أن تقوم بخطوة واحدة تتلوها خطوة أخرى. والحال أنه مازال يعمل على نفس النحو علي مستوي لغاته الأساسية. أي أنه يعمل علي أسس ثنائية رقمية عبارة عن: صفر واحد ثم صفر واحد (0/1- 0/1) وهكذا. لكن مُخرجاته لم تعد أفقية كما كانت، بل غدت تشاعبية ترابطية متوالدة متفجرة. وهو ما نعنيه بالروابط الإلكترونية التشعبيّة Hypertext. وهو ما استُحدِثَ على الكتاب التقليدي الذي تربينا عليه جميعُنا. ففي الكتاب التقليدي كان علي المرء أن يقرأ من اليسار إلى اليمين، أو من اليمين إلى اليسار، أو من أعلي إلى أسفل، حسب طبيعة اللغة المقروءة. هي قراءة في شكل أفقي. وبوسع المرء بالطبع أن يقفز عبر الصفحات جيئةً ورواحًا ليعاود قراءة شيء ما أو للتحقق من أمر ما في الصفحة. أما النص الذي يحتوي علي روابط إلكترونية فهو شبكة متعددة الأبعاد والحقول يمكن لكل نقطة فيها تلتقي وتتقاطع مع أي نقطة أخرى. وشبكة الإنترنت العالمية (www) تقدم نصوصًا ذات روابط إلكترونية (Hypertexts)، فتمثّل ما يشبه مكتبة عظمى تغطي أرجاء العالم. فشبكة العنكبوت هذه هي "نظام" عام يحوي في إطاره جميع النصوص ذات الروابط الإلكترونية (Hypertext) الموجودة في العالم. ولا جدال أن تقنية الهايبر تكست، أو النص الارتباطي، قد سهلّت كثيرا مهمة البحث في المراجع والموسوعات عن معلومة محددة في ثوان قليلة، عوضًا عن البحث القديم في موسوعات ورقية من مجلدات ضخمة يبلغ عددها العشرات مثل إنسيكلوبيديا بريتينيكا أو ليكسكون وغيرهما. لذلك فإن النصوص ذات الروابط الإلكترونية (hypertexts) ستؤدي حتما إلى اختفاء الموسوعات والمراجع الورقية، فبالأمس كان من الممكن الحصول علي موسوعة كاملة في قرص مضغوط، أما اليوم فقد أصبح من الممكن الحصول علي هذه الموسوعة علي شبكة الانترنت بمجرد الاتصال بها، مع ميزة إنها تسمح لك بالقيام بالربط بين أجزاء في داخل النص وباستعادة المعلومات في صورة غير أفقية. هذا مع ضآلة المساحة التي تحتلها الموسوعات الإلكترونية مقارنة مع الموسوعة المطبوعة، إلى جانب سهولة تحديث الموسوعة الرقمية مقارنة بالمكتوبة. هذا عن المراجع والموسوعات، فماذا عن الكتاب المقروء سواء الأدبي أو العلمي أو الفلسفي؟ يذهب إمبرتو إيكو إلى أن الكتاب لا يمكن أن ينقرض، لا على المستوى المادي، كمجلد ورقي نحمله في أيدينا، ولا على المستوى الافتراضي، كمادة طباعية نخرجها من الحاسوب لنطالعها أو نحتفظ بها. مؤكدًا رأيه بقوله: "لو حدث أن تحطمت بك السفينة في جزيرة منعزلة، لا تستطيع فيها أن تجد مصدرا للتيار الكهربائي لتشغيل الكمبيوتر، فإن الكتاب يعدُّ حيئنذ أداة لا تقدر بثمن فحتى لو كان بحاسوبك بطاريات تشحن بالطاقة الشمسية فإنك لا تستطيع أن تقرأ بسهولة وأنت تتمدد فوق شبكة معلقة بين شجرتين، فالكتب مازالت أفضل رفيق إذ تنتمي إلى مجموعة الأشياء التي لم تتعرض للمزيد من التطوير بعد اختراعها وذلك لأنها في أحسن حال علي ما هي عليه منذ اختراعها مثلها مثل المطرقة، السكين والمعلقة والمقص(...) وربما تحقق الكتب الالكترونية نجاحا كمصادر للبحث عن معلومات ما، شأنها في ذلك شأن المعاجم أو الوثائق المميزة، وربما تعين الطلاب الذين لزاما عليهم أن يحملوا عشرات الكتب عندما يذهبون إلى المدرسة، ولكن الكتب الالكترونية لن تصلح كبديل للكتب التي نحب أن نصطحبها معنا إلى الفراش عند النوم. كما أن هناك العديد من الاختراعات التكنولوجية التي لم تؤد إلى انقراض ما سبقها من اختراعات، فالسيارة مثلا أسرع من الدراجة ولكنها لم تتسبب في انقراض الدراجة. وهذا يعني أنه في تاريخ الثقافة لم يحدث أن قام شيء ما بقتل شيء آخر، ولكن كان هناك شيء يغير بصورة جذرية شيئا آخر."
ـــــــــــ
خاتمة
لا ينبغى أن نخشى الكتاب الالكترونى ، ولكن ينبغى أن يتركز جهدنا على الحفاظ على علاقتنا بالقراءة أياً ما كان نوع الكتاب... فالكتب وسائط متوافقة للمعرفة سواءاً كانت ورقية أو الكترونيةولإن أطفالنا أسرع استجابة للتقنيات الحديثة وأكثر حباً للقراءة والاطلاع وهو مايطمئننا على مستقبلهم الباهر .. تبذل الدولة كل الجهد فى سبيل دعم البرامج التثقيفية وعلى رأسها (مهرجان القراءة للجميع) الذى ترعاه السيدة الفاضلة سوزان مبارك .. انطلاقاً من إيمان عميق بمصرنا الحبيبة صاحبة الماضى العريق والحاضر السعيد والغد المشرق .
ـــــــــــــــــــــــ
مصادر البحث
* المعجم المحيط
* ترجمة لمحاضرة (إمبرتو إيكوا) التى ألقاها فى افتتاح مكتبة الأسكندرية
* الاتجاهات الحديثة لمكتبات المعلومات (هبة محمد) .
* مقال للأستاذ أحمد فضل شبلول
* الكتاب الإلكتروني (جمال الشرهان ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد : مجدى شلبى
رئيس الملتقى الأدبى بقصر ثقافة منية النصر
عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
عضو اتحاد المدونين العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاثنين، 12 أبريل 2010

قضايا النشر العربي الإلكتروني

بقلم: أحمد فضل شبلول


تقول إحدى الحكايات العربية القديمة إنه:
كان يا ما كان في سالف العصر وقديم الزمان أن أميرا أراد أن يكرم عالما كبيرا، فدعاه إلى الإقامة في قصره، ليستفيد من علمه وينهل من شعره، ولم يشأ العالم الكبير، أن يرفض دعوة الأمير، ولكن طلب منه أن يرسل له أربعين من الإبل والبغال والحمير، ولما سأله الأمير عن سر طلبه، أجابه أن الإبل والبغال والحمير ليست له، ولكن لحمل بعض كتبه ومراجعه ومجلداته ومعاجمه التي لن يستطيع الاستغناء عنها أثناء إقامته عند الأمير، فطلب الأمير من الوزير تنفيذ رغبة العالم الكبير.
تُرى لو بُعِثَ هذا العالم الأديب الآن من قبره، وشاهد بأم عينه، التطور التكنولوجي والإلكتروني الهائل الذي يعيشه أحفاده من العلماء والأدباء، بل يعيشه الإنسان العادي، إنسان أول القرن الحادي والعشرين، تُرى ماذا يفعل وماذا يقول؟
أعتقد أن أول شيء سيفعله هذا العالم هو محاولة التعلم والتدرب على أجهزة الحاسبات الآلية، ومعرفة كيفية الدخول أو الاشتراك في شبكة الإنترنت العالمية، وإذا طلب منه أحد أمراء العصر أن يستضيفه في القصر، مثلما فعل الأمير القديم، لذهب عالمنا إليه ومعه حقيبة (سامسونيت) صغيرة بها كل كتبه ومراجعه ومجلداته ومعاجمه المخزنة على أقراص الحاسب الآلي، والتي يستطيع تشغيلها من خلال أجهزة الكمبيوتر الموجودة بلا شك في قصر هذا الأمير الذي يقدر العلم والعلماء، ويكرم الأدب والأدباء. أما إذا كانت هذا الكتب والمراجع والمجلدات والمعاجم موجودة على شبكة الإنترنت، فلن يحمل معه هذا العالم سوى حقيبة ملابسه فقط.
***
لاشك أننا نعيش الآن لحظات فارقة بين عصرين من عصور النشر، هما النشر الورقي والنشر الإلكتروني، تماما مثلما عاشت البشرية تلك اللحظات الفاصلة عندما اخترع يوهان جوتنبرج حروف الطباعة في عام 1465 م ، فتحقق لعالم النشر قفزةٌ نوعيةٌ هائلة وصفها مارتن لوثر ـ مؤسس المذهب البروتستانتي ـ بأنها "أسمى فضائل الرب على عباده"، واستفاد منها المجتمع الإنساني طوال القرون السابقة، ولا يزال يستفيد.
الآن يعيش إنسان هذا العصر نقلة نوعية أخرى على مستوى الوسيلة التي ربما تؤثر في المضمون، وفي شكل طريقة الكتابة أيضا.
ولكن هل لنا في البداية أن نعرِّف عملية النشر.
يقول المعجم الوسيط. َنشرَ الكتاب أو الصحيفة: أي أخرجه مطبوعا. والناشر: من يحترف نشرَ الكتب وبيعَها. والنشر: طبعُ الكتب والصحف وبيُعها.
هذا هو تعريف عملية النشر التقليدية. فماذا عن النشر الإلكتروني؟
النشر الإلكتروني ـ كما يقول صادق طاهر: هو استخدام الأجهزة الإلكترونية في مختلف مجالات الإنتاج والإدارة والتوزيع للبيانات والمعلومات وتسخيرها للمستفيدين (وهو يماثل تماماً النشر بالوسائل والأساليب التقليدية) فيما عدا أن ما ينشر من مواد معلوماتية لا يتم إخراجه ورقياً لأغراض التوزيع، بل يتم توزيعه على وسائط إلكترونية كالأقراص المرنة أو الأقراص المدمجة أو من خلال الشبكات الإلكترونية كالإنترنت … ولأن طبيعة النشر هذه تستخدم أجهزة كمبيوتر إلكترونية في مرحلة ـ أو في جميع مراحل ـ الإعداد للنشر أو للإطلاع على ما ينشر من مواد ومعلومات فقد جازت عليها تسمية النشر الإلكتروني .
ويعد النشر الإلكتروني أحد إفرازات البرامج التطبيقية application programs التي تنتمي إلى عالم البرمجيات أو الـ software.
وقد استفاد الناشرون من تقنيات العصر، ومن وسائل الاتصال والمعلومات، ومن عالم البرمجيات، فاقتحموا فضاء المعلوماتية، وحلقوا في سماء الصفحات الإلكترونية والشرائح الممغنطة، وأقراص الليزر، ووضعوا مكتنزاتهم ومجلداتهم على تلك الشرائح الرقيقة وطرحوها في الأسواق، أو عبر الأثير من خلال شبكة الإنترنت، فحدث تضخم هائل وغير مسبوق بل يعجز العقل البشري عن التوصل إلى تقدير حجمه الآن، ولعل هذا يرجع إلى أن المعلومات "تعد المورد الإنساني الوحيد الذي لا يتناقص بل ينمو مع زيادة استهلاكه"، على حد تعبير الدكتور نبيل علي في أحدث كتبه "الثقافة العربية وعصر المعلومات، ص 48".
يقول الدكتور سليمان العسكري في عدد يناير 2001 من مجلة العربي إن "السنوات الراهنة ستشهد تطورا متسارعا تكون إحدى ثماره المباشرة اتساع رقعة النشر الإلكتروني على حساب حجم النشر الورقي على مستوى الدول المتقدمة في السنوات العشر القادمة، أما في الدول التي يطلق عليها العالم الثالث، فتحتاج من عشرين إلى ثلاثين عاما حتى يصبح لها نصيب يعتد به في هذا المجال". ويُضيف أنه مع حلول العقد الثاني من القرن سوف تفقد وسائل الإعلام المطبوعة والإصدارات الورقية بوجه عام جانبا كبيرا من أهميتها ودورها نتيجة التطورات الهائلة في مجالي الاتصال والمعلومات".
وفي خبر نشرته جريدة الأهرام المصرية جاء فيه: "قريبا وبالتحديد في عام 2006 ستختفي الصحف الورقية والأكشاك التي تبيعها من الشوارع، وتحل محلها أكشاكٌ إلكترونية، يمكن للقارئ أن يشحن منها جهازا إلكترونيا خاصا بالصحيفة أو المجلة التي يريدها، ثم يقرأها فيما بعد عن طريق شاشة إلكترونية خاصة".
وتقول شركة مايكروسوفت لقطاع التطوير التكنولوجي إنه بحلول عام 2010 ستصبح هذه الأجهزة خفيفة، ولها شاشة مرنة وتزود ببطاريات تعمل لمدة 24 ساعة. وأضافت أنه في عام 2018 ستنقرض الصحف الورقية تماما، لأن الإلكترونيات هي المستقبل، أما الورق فهو الماضي.
ويقول بيل جيتس ـ مؤسس شركة مايكروسوفت ـ في كتابه "المعلوماتية بعد الإنترنت ـ طريق المستقبل": ـ الذي قام بترجمته عبد السلام رضوان ـ إن الطريق السريع للمعلومات سوف يحول ثقافتنا بالقدر ذاته من العمق واتساع المدى الذي اتسم به التحول الذي أحدثته مطبعة جوتنبرج في العصر الوسيط. ويضيف: أن الأشياء تتحرك بدرجة من السرعة يصبح من العسير معها إمضاء الكثير من الوقت في النظر إلى الوراء. وأن التكنولوجيا لن تنتظر حتى يصبح الناس متهيئين لها، على الرغم من أنها هي الخادم وليست السيد. وعلى الرغم من ذلك فإن الناس يريدون أن يفهموا كيف ستجعل هذه التكنولوجيا المستقبل مختلفا، وهل ستجعل حياتنا أفضل أم أسوأ؟ غير أن إيقاع التغير التكنولوجي هو من السرعة بحيث يبدو في بعض الأحيان أن العالَم سيكون مختلفا تماما من يوم لآخر. وأن التكنولوجيا هي التي ستمكن المجتمع من اتخاذ قرار سياسي، لذا فإن الأمر يستحق بذل الجهد من أجل تأسيس علاقة ألفة مع أجهزة الكمبيوتر".
***
وقد بدأت تظهر في آفاق عالمنا العربي برامج للنشر الإلكتروني من أهمها وأشهرها برنامج الناشر الإلكتروني الذي هيأته شركة صخر للحاسبات الآلية، وهو يمثل بيئة متكاملة لبناء قرص مدمج من المعلومات مع إمكانية تحديثها من الإنترنت في أي وقت مما يوفر الوقت والجهد والتكلفة. ويتضمن نظام النشر الإلكتروني كذلك أحدث نسخة من ناشر نت، باعتباره ـ على حد قول صخر ـ الحل الأمثل لنشر اللغة العربية على الإنترنت، والمتصفح سندباد الذي يتيح استعراض المواقع العربية وتصفح صفحاتها بمنتهى الدقة واليسر.
وقد طورت صخرُ الناشرَ الإلكتروني ليكون خيرَ مُعين لدور النشر والصحف والمجلات والمؤسسات التي لديها كميات ضخمة من المعلومات والبيانات يراد نشرها وجعلها قابلة للبحث لتسهيل الحصول على أية معلومة منها في أقصر وقت ممكن.
***
ومن خلال تأمل واقع النشر الإلكتروني وقضاياه في العالم الآن، يتضح أن هناك مجالين لهذا النوع من النشر هما: النشر عن طريق الأقراص المرنة وأقراص الليزر، والنشر عن طريق شبكة الإنترنت أو النشر على صفحات الويب (الشبكة العنكبوتية world wide web = www.).
أولا: النشر الإلكتروني عن طريق الأقراص المرنة وأقراص الليزر
على سبيل المثال، طُرحتْ مؤخرا في أسواق الحاسبات الإلكترونية معاجم عربية / عربية، على هيئة أقراص مرنة وأسطوانات مليزرة، يتم استخدامها عن طريق الكمبيوتر الشخصي. ومن ضمن هذه المعاجم القاموس المحيط ومعجم الرائد وغيرهما. والسؤال الذي يطرح نفسه أمام مثل هذه المعاجم الإلكترونية يتعلق بمصير معاجمنا الورقية المطبوعة في آلاف الصفحات، فالقاموس المحيط ـ على سبيل المثال ـ في آخر إصدار له من قبل مؤسسة الرسالة في بيروت ـ وهي المؤسسة نفسها التي طرحته على هيئة أقراص مرنة ـ يحتل 1750 صفحة من القطع المتوسط، وهو يمثِّل معجما صغيرا من حيث عدد الصفحات مقارنة بغيره من المعاجم والموسوعات ودوائر المعارف.
وإذا أخذنا تاج العروس أو لسان العرب مثالين ـ باعتبارهما من أكبر معاجمنا اللغوية من حيث غزارة المادة اللغوية وتنوعها ـ فسنجدهما يتجاوز كلٌّ منهما عشرة آلاف صفحة.
فهل ستُلغي الوسائط الإلكترونية المتمثلة في الأقراص المرنة والأقراص المدمجة أو الأسطوانات المليزرة، آلاف الصفحات الورقية الحاملة لمادة هذه المعاجم والتي ظللنا لعدة قرون نعتمد عليها اعتمادا كاملاً .
إن تجربة مؤسسة الرسالة في طرح الوسيطين الورقي والإلكتروني للقاموس المحيط يجب النظر إليها بعين الاعتبار.
لقد طرح مكتب تحقيق التراث في هذه المؤسسة طبعة جديدة ومحققة من القاموس المحيط في الثمانينات، ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد بل عملت المؤسسة بعد سنوات قليلة على تحويل هذا العمل إلى وسائط إلكترونية تعمل عن طريق الحاسب الآلي، فوجدنا المعجمين الورقي والإلكتروني جنبا إلى جنب في الأسواق، وأصبحت المكتبات الكبيرة ذات الفروع المتخصصة تعرض هذا وذاك معًا، وكل مشترٍ أو مستفيد يريد اقتناء نسخة عليه أن يتخذ قرار الشراء على ضوء موقفه من الوسيط الإلكتروني، وهل لديه جهاز كمبيوتر شخصي، وهل المساحة الخالية في جهازه تستوعب إدخال أو تحميل المعجم الإلكتروني عليها؟ أم أنه لا يمتلك جهازا وبالتالي سيقتني المعجم الورقي في هذه الحالة.
ولكن مع ازدياد عدد مستخدمي الحاسبات أو الحواسيب الشخصية، ومع الإقبال المتزايد من قبل الأفراد على اقتناء مثل هذه الحواسيب في منازلهم، فإن المستقبل سيكون بلاشك للمعاجم الإلكترونية وليس الورقية، وسيحذو حذو مؤسسة الرسالة العديد من دور النشر المتطلعة إلى مسايرة ركب التقدم العلمي والتقني والإلكتروني الهائل .
ولكن يلاحظ أن المعاجم الإلكترونية مازال سعرها مرتفعًا مقارنة بسعر المعاجم الورقية، فسعر القاموس المحيط الإلكتروني على سبيل المثال كان يمثل ثمانية أضعاف سعر القاموس المحيط الورقي حتى وقت قريب، ولكن يلاحظ أن أسعار المطبوعات الإلكترونية بصفة عامة آخذة في الانخفاض. ولكي ينتشر استخدام هذه المعاجم الإلكترونية يجب مراعاة تخفيض سعرها لتحقق الغرض المطلوب من وجودها، وهو البحث السريع عن الكلمة ومعناها وضبطها، وليس التباهي أو التفاخر بامتلاك الأجهزة والبرامج.
وبما أن مجمع اللغة العربية في القاهرة يعمل الآن ـ ومنذ سنوات بعيدة ـ على إصدار المعجم العربي الكبير، فإنني أهمس في أذن القائمين على هذا المعجم ألا يغفلوا الوسيط الإلكتروني وأن يحاولوا طرح مثل هذا المعجم ـ مستقبلا ـ في صورة أقراص مرنة أو أسطوانات مليزرة ـ أو أية صورة إلكترونية سيجلبها المستقبل معه بمشيئة الله ـ إلى جانب صورته الورقية التي صدرت بها أجزاؤه الأولى. وحتى لا تكون التجربة جديدة على العاملين في إدارة المعاجم بالمجمع فإنني اقترح عليهم إعادة إصدار المعجم الوسيط الذي جاء في أكثر من 1100 صفحة بجزئيه الأول والثاني وبالأشكال والرسوم والصور الواردة فيه على وسيط إلكتروني ولنر ماذا ستكون النتيجة وكيف سيكون الاستقبال ؟.
وقد وقع في يدي مؤخرا أسطوانة مليزرة أوc.d. تحمل عنوان "مكتبة الأدب العربي" وباستعراض محتوياتها ـ بواسطة جهاز الكمبيوتر ـ وجدت أنها تحتوي على 32 كتابا من أمهات الكتب العربية، منها كتب تقع في أجزاء متعددة مثل الأغاني للأصفهاني (24 جزءا) وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي (14 جزءا) وقرى الضيف (5 أجزاء) وجمهرة خطب العرب (3 أجزاء) وطبقات فحول الشعراء (جزءان) وخزانة الأدب (جزءان) بالإضافة إلى كتب مثل البيان والتبيين للجاحظ، ودلائل الإعجاز للجرجاني، والمزهر في علوم اللغة وأنواعها للإمام السيوطي، والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، ومجمع الأمثال للميداني، وثمار القلوب في المضاف والمنسوب، ومعجم السفر، وأدب الكاتب، وغيرها من أمهات الكتب. لقد بلغ عدد صفحات هذه الكتب في المتوسط أكثر من 15.000 صفحة من الورق تم نشرها إلكترونيا على أسطوانة ليزر واحدة.
أيضا هناك برنامج المكتبة الألفية للسنة النبوية الذي يحتوي على أكثر من 1000 (ألف) مجلد وكتاب على قرص ليزر واحد، وهناك برنامج مكتبة الفقه وأصوله ويحتوي على أكثر من 700 مجلد وكتاب تتوزع بتوازن بين فقه المذاهب الإسلامية المشهورة، على قرص ليزر واحد أيضا .. وهكذا.
ثانيا: النشر عن طريق شبكة الإنترنت أو النشر على صفحات الويب (الشبكة العنكبوتية world wide web = www.).
هناك طريقة أخرى للنشر الإلكتروني، وهو النشر عن طريق شبكة الإنترنت، أو النشر على صفحات الويب (الشبكة العنكبوتية world wide web = www.).
وقبل أن نتعرض إلى ذكر أمثلة بعينها من تجارب النشر العربي الإلكتروني، نشير إلى أن معظم المواقع العربية المهمة تنتمي ـ كما أشار د. نبيل علي في كتابه "الثقافة العربية وعصر المعلومات" ص 155 ـ إلى الكيانات الثقافية التالية: مؤسسات الصحف والإعلام الرسمية العربية ـ مؤسسات الإعلام السياحي ـ غرف التجارة ـ مواقع المجلات العربية ـ الدوريات الثقافية الصادرة باللغة الإنجليزية ـ المتاحف العالمية المالكة لمقتنيات إسلامية وعربية ـ مواقع شركات تطوير البرمجيات العربية ـ منافذ بيع الكتب العربية وأشرطة الكاسيت والفيديو والموسيقى العربية ـ أقسام الإذاعات العربية في الإذاعات الأجنبية ـ أقسام الدراسات واللغات الشرقية والآسيوية والأفريقية واللاهوتية بالجامعات الأمريكية والأوروبية ـ مواقع اتحادات الطلبة العرب بالجامعات الأمريكية والأوروبية ـ أفراد مسلمون غيورون على دينهم ينشرون مبادئ الإسلام وعباداته وشعائره للجاليات الإسلامية بالخارج".
سوف نضرب فحسب أسماء مواقع، كأمثلة من تجارب النشر العربي الإلكتروني:
1 ـ اتحاد الكتاب المصريين بالقاهرة (egwriters).
2 ـ منتدى الكتاب العربي (arabworldbooks).
3 ـ أمواج سكندرية amwague (الموقع الثقافي لمدينة الإسكندرية) وقد أنشئ من أجل تأكيد الهوية المصرية السكندرية على شبكة الإنترنت.
4 ـ المنتدى الحر في iwebu بباريس.
5 ـ الشرق الأوسط ميدل إيست أونلاين (www.middle-east-online.com)
ولعلنا الآن نطرح التساؤل الذي طرحته من قبل الكاتبة المصرية أماني أحمد أمين في قولها: "أينجح حقا الكتاب الإلكتروني في أن يأخذ مكان الكتاب التقليدي في عالم متغير بهذه السرعة؟ إن الحاسب الآلي وشبكة المعلومات وكل ما يتصل بهما من برمجيات وتقنية حديثة تنفرد ببعد رابع خاص بها. فهو يفوق في سرعته كل المقاييس الزمنية المعروفة. وأحدث حاسب تشتريه اليوم من السوق، يخلفه في غضون ستة شهور جيل جديد من الأجهزة والبرمجيات تحيله إلى المعاش. فإذا افترضنا مثلا أن الرواية الجيدة تحتاج إلى عامين من الإعداد لتأخذ سبيلها إلى النشر، يصبح أديبنا الإلكتروني بالمقاييس الزمنية للتقنية الحديثة كالأديب الذي يكتب رواية ثم ينتظر خمسين عاما قبل أن ينشرها".
ولا أود أن أنهي حديثي حول النشر الإلكتروني دون التعرض إلى إيجابيات ومزايا هذا النوع من النشر وسلبياته وعيوبه ومخاوفه أيضا:
أولا: الإيجابيات والمزايا:
1 ـ يُحرر النشر الإلكتروني النصوص من قبضة الخطية linearity الصارمة التي فرضها عليها جمود الورق وثبوت الطباعة، حيث يمكن الربط ـ في حالة النشر الإلكتروني ـ بين أي موضع وآخر داخل النص أو الوثيقة، وكشف مسارات التشعب داخل النص المفرد.
2 ـ يُتيح النشر الإلكتروني فرصا لا متناهية من عدد الصفحات الإلكترونية في شريحة صغيرة للغاية، فعلى سبيل المثال يمكن لقرص ليزر c.d واحد أن يسع ما يوازي ألف كتاب بحجم القرآن الكريم، وعما قريب 10 آلاف كتاب في مثل حجمه، فضلا عن الطابعات التي ستكون في حجم علبة الكبريت.
3 ـ الحرية المطلقة في نشر ما يود الإنسان نشره، فلا قيود، ولا رقابة على النشر الإلكتروني، وخاصة على شبكة الإنترنت. وأكبر مثال على ذلك ما نشر في منتدى موقع أخبار اليوم بشبكة الإنترنت. ولكن سرعان ما ألغى هذا الموقع منتداه، لأن الزائرين تجاوزا حدود الأدب واللياقة. ولم يستطع الموقع أن يفعل أكثر من هذا.
4 ـ يُتيح النشر الإلكتروني ـ كما سبق أن رأينا ـ إنشاء مجلات إلكترونية تقضي على عنصري الزمن والمسافة اللذين يفصلان بين الناس، ويحررها من أراد من الكتَّاب، وفي هذه الحالة سيصبح الكاتب المشترك أو المستخدم لشبكة الإنترنت قادرا على نشر إنتاجه بنفسه، بل إنه سيكون قادرا على قراءة نصوصه بصوته وإرفاق صورته مع النص، كما أنه سيتلقى ردودا من كتاب آخرين، ربما لا يكونون على علم بشخصية صاحب النص، لأن التعامل في هذه الحالة سيكون مع النص المرسل، وليس مع الكاتب ذاته، وهنا يلاحظ أن شبكة الإنترنت ستعمل على إلغاء جميع الفوارق الطبقية (على حد تعبير بهاء شاهين في كتابه عن شبكة الإنترنت)، ذلك أنه لن يكون هناك كمبيوتر أفضل من كمبيوتر داخل الشبكة، وبالتالي لن يكون هناك شخص أفضل من شخص، إذ تعتمد هوية الكاتب ومركزه في الشبكة على كيفية تقديمه لنفسه ولأفكاره من خلال لوحة المفاتيح، فلو أن كاتبا كبيرا مثل أستاذنا نجيب محفوظ قدم نصًّا روائيا جديدا من خلال الشبكة، فإن الحكم النقدي عليه سيكون من خلال التعامل مع النص نفسه، وليس من خلال اسم نجيب محفوظ.
4 ـ إذا كانت تكنولوجيا الطباعة نجحت في إسقاط سلطة المتحدث على مستمعه (عن طريق قراءة الورق) فربما يكون بمقدور تكنولوجيا المعلومات إسقاط سلطة المؤلف على قارئه، لينتزع هذا القارئ حقه في حرية قراءة نصه وفقا لرؤيته وغايته.
5 ـ التوفير في تكاليف الاستخدام الورقي: حيث تكون عملية النشر فاعلة ومجدية اقتصادياً عندما لا تعتمد على استخدام الورق، الذي ترتفع أسعاره بصورة ملحوظة، من وقت لآخر. كذلك فإن اعتماد النشر الإلكتروني، يجعل الأمر بيد المستفيد لتحقيق رغبته في الحصول على البيانات أو المعلومات بشكل ورقي من خلال توفير أمرٍ للطباعة يتسنى له من خلاله طباعة المادة التي يحتاجها ورقياً .
6 ـ التوفير في تكاليف الإنتاج الكمي: حيث تمثل تكاليف إنتاج المواد المنشورة إلكترونياً في إعداد وتجهيز المواد نفسها كما في النشر الورقي، ولكن تكلفة الإنتاج الكمي بعد ذلك تعتبر رخيصة مقارنةً بوسائل النشر التقليدية .
7 ـ انخفاض تكاليف المراجعة والتعديل والإضافة: حيث من السهل إجراء عمليات المراجعة وما يترتب عليها من تعديلات (إضافة أو حذف) على المواد المنشورة إلكترونياً، والحصول على نسخة محدثة للنشر دون تكلفة كبيرة وبسرعة منقطعة النظير.
8 ـ توفير إمكانيات البحث: حيث تتوافر في طريقة النشر الإلكتروني إمكانيات تسهل للمستخدمين البحث والوصول إلى البيانات والمعلومات المطلوبة مباشرة وبسرعة كبيرة .
9 ـ مؤثرات التشويق والانطباع الجيد: حيث يتسنى من خلال النشر الإلكتروني واستخدامه إضافة عنصر التشويق وجلب المتعة للمستفيد بإضافة المؤثرات السمعية أو البصرية في إطار المادة المنشورة إلكترونياً وبما يجعله مستفيداً في جانبي المعرفة والمتعة، وهنالك أيضا ما سينعكس على المستفيد من انطباعات حول مواكبة الجهة المتبنية للنشر ومتابعتها للتقدم التكنولوجي ومسايرتها للتطورات في هذا المجال .
ثانيا: السلبيات والعيوب والمخاوف:
1 ـ يعد النشر الإلكتروني وسيطا باردا قد يَحدُّ من قدرة الفرد على نقل أفكاره وأحاسيسه، وقد يؤدي إلى الانعزالية.
2 ـ السرقات الأدبية والعلمية. فوجود هذا الكم الهائل من المعلومات على شبكة الإنترنت يجعل من السهل القيام بعمليات القرصنة والسطو على المواد المنشورة، من خلال إنزال هذه المواد أو نسخها على الهارد ديسك. وقد سمعنا عن رسائل علمية (ماجستير ودكتوراه) تُسرق أو تُترجم بالكامل من شبكة الإنترنت. ومع صعوبة متابعة كل ما ينشر على الشبكة بجميع لغاتها، فإنه يصعب اكتشاف السرقة بسهولة. ولكن على أية حال فإن محركات البحث النشطة مثل ياهو yhoo ونتسكيب netscape ونظرة وسندباد، قد تسهم في اكتشاف مثل هذه السرقات.
3 ـ لأن اللغة العربية تعتبر دخيلة على لغات البرمجة، فقد ظهرت بعض المشكلات في المحارف العربية على مستوى الصرف والنحو، الأمر الذي يؤدي إلى انغلاق نصي يؤدي بدوره إلى انعزالية وثائقنا الإلكترونية، وسرعة اندثارها، وضعف فاعلية مواقعنا العربية.
4 ـ نظرا لسرعة التعامل المطلوبة لغويا على صفحات الويب، حيث إن كل ضربة على لوحة المفاتيح لها ثمنها على الشبكة العالمية، فقد أدى هذا إلى اختزال النصوص إلى كلمات مفتاحية، الأمر الذي سيؤثر ـ في المدى البعيد ـ على جماليات اللغة العربية في عمومياتها، وأيضا في طريقة شكلها أو رسمها. وربما بعد عشرين أو ثلاثين عاما من التعامل اللغوي بهذه الطريقة، نجد لغة عربية أخرى غير التي نتعامل بها اليوم.
***
في النهاية هل سنقول وداعا للكلمة المكتوبة بالقلم الرصاص أو الحبر على الصفحة الورقية البيضاء، هل ستحل المعادلة الرياضية محل قصيدة الشعر، وتحل أرقام الكمبيوتر الثنائية محل اللوحة التشكيلية، وهل سيصبح الإنسان في القرن الحادي والعشرين رقما في معادلة جبرية تحكم هذا العالم؟
هل ستصبح روايات نجيب محفوظ وأشعار المتنبي وأحمد شوقي وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل، تراثا محفوظا في العلب الممغنطة؟ أم أن الإنسان سيظل إنسانا تهز مشاعره نجمةٌ في السماء وموجةٌ في البحر وزهرةٌ على الغصن وشخصيةٌ في رواية وصورةٌ شعرية في قصيدة ومنظرٌ طبيعي في لوحة فنان؟
يقول د. نبيل علي في كتابه المهم: "الثقافة العربية وعصر المعلومات" ص151 ـ السابق الإشارة إليه ـ "هناك من يقول إن الإنترنت ستزيد من قدرة الإبداع والابتكار من خلال مداومة الإبحار اللامحدود في فضاء المعلومات وتوفير العديد من وسائل التعلم الذاتي وتنمية القدرات الذهنية، خاصة أن التعامل مع النظم الآلية والبرمجيات يساعد على نمو التفكير المنطقي والمنهجي. في المقابل هناك من يقول إن الإنترنت ستحيل عملية الإبداع إلى نوع من الاجترار (أو إعادة الإنتاج) لينحو الأدب إلى الوثائقية والفن التشكيلي إلى الكولاج (القص واللصق) والموسيقى إلى نوع من المزج الإلكتروني، ويصبح إبهار العرض واستغلال إمكانات وسيط الإعلام عوضا عن مضمون الرسالة التي ينقلها تحقيقا لمقولة "الوسيط هو الرسالة" التي أطلقها مارشال مكلوهان رائد التنظير الإعلامي".
ومع أن النظرة الأولى قد توحي وكأن المستقبل سوف يكون للكمبيوتر وعالم الإنترنت في تطوره المذهل والمثير الذي لا يعرف الحدود، غير أنني مع ذلك سوف أظل منحازا إلى الإنسان أكثر من الآلة، وإلى الإبداع مع العلم، وإلى الفن مع الرياضيات، وذلك لإيماني بأن الإنسان سوف يظل هو محور هذا الكون يصنع فنا إذا انتشى فينتشي معه الآخرون، وللأسف فإن الكمبيوتر لا ينتشي ولا يعرف البكاء أو الفرح ولا الحزن أو السهر، ولهذا فهو لا يستطيع أن يبدع فنا ولا فكرا ولا يملك في أفضل حالاته إلا أن ينفذ أمرا يصدره الإنسان بطرف إصبعه.


منتديات اليسير للمكتبات وتقنية المعلومات

الثلاثاء، 6 أبريل 2010

النشر الإلكتروني


ورد في المعجم الموسوعي لمصطلحات المكتبات والمعلومات المقصود بالنشر الإلكتروني مرحلة يستطيع فيها كاتب المقال أن يسجل مقاله على إحدى وسائل تجهيز الكلمات ( Word-Processing) ثم يقوم ببثه إلى محرر المجلة الإلكترونية ، الذي يقوم بالتالي بجعله متاحاُ في تلك الصورة الإلكترونية للمشتركين في مجلته ، وهذه المقالة لا تنشر وإنما يمكن عمل صور منها مطبوعة إذا طلب أحد المشتركين ذلك .
أن النشر الإلكتروني يعني نشر المعلومات التقليدية الورقية عبر تقنيات جديدة تستخدم الحاسبات وبرامج النشر الإلكتروني في طباعة المعلومات وتوزيعها ونشرها وهذا على حد قول عبد الغفور قاري .
أما الدكتورة بهجة بو معرافي تغدو بمفهوم النشر الإلكتروني إلى مدى أوسع يحوي كل أشكال أوعية المعلومات غير الورقية.
وفي هذا السياق أورد حسن أبو خضرة تعريفاً للنشر يأتي في أحد ثلاثة أشكال:-
1. استخدام الحاسب الآلي لتسهيل إنتاج المواد التقليدية .
2. استخدام الحاسب الآلي ونظم الاتصالات لتوزيع المعلومات إلكترونياً عن بعد .
3. استخدام وسائط تخزين إلكترونية .
ومعظم ما جاء في هذا التعريف يتفق مع الاتجاه العام لمفهوم النشر الإلكتروني ويزيد هذا التعريف بإدخاله استخدام الحاسب الآلي.
ولذلك فإن إصدار الدوريات والكتب وغيرها عبر شبكة الإنترنت أو على قرص مليزر
(CD ) وتوزيعا على المستفيدين يمثل شكلا من أشكال النشر الإلكتروني .

وهناك نماذج من المعلومات التي يقدمها مورد الخدمات عبر الإنترنت عددها (هانزواتجن) في:
1. سجلات الفهارس الخاصة بمواد ضخمة من الكتب والمواد التقليدية .
2. المحتويات الجارية للناشرين والموردين والمكتبات ودور الكتب .
3. المستخلصات .
4. النصوص الكاملة المتنوعة، كما أضاف إليها بعض الخدمات والأدوات مثل:
• خدمات توصيل الوثائق لدعم المكتبات والشبكات وخدمات تجارية .
• خدمات الإدارية التعاونية .
• خدمات الإنترنت وأدوات البحث المتنوعة تمثلها الأدلة الموضوعية والفهارس وغيرها.

وأما عن أهداف النشر الإلكتروني :
فلقد كانت تنحصر في هدف واحد هو قدرة الشبكات على نقل الملفات النصية لخدمة الأغراض العسكرية .
حتى بدأت أهداف النشر الإلكتروني تتعدى إلى المؤسسات الأكاديمية والجمعيات العلمية وغيرها بما في ذلك الأفراد وأصبحت أهدافه تتركز في النهاية في
1. تسريع عمليات البحث العلمي في ظل السباق التكنولوجي.
2. توفير النشر التجاري الأكاديمي .
3. وضع الإنتاج الفكري لبعض الدول على شكل أوعية إلكترونية .
4. تعميق فرص التجارة الإلكترونية .
ويتميز النشر الإلكتروني عن النشر التقليدي بخصائص وصفات أوردها عماد عبد الوهاب الصباغ في الآتي:
1. إمكانية إنتاج وتوزيع المواد الإلكترونية بشكل سريع .
2. إمكانية إجراء التعديلات بشكل فوري.
3. لا يوجد حاجة للوسطاء والتوزيع التقليدي .
4. مساهمة عدد من المؤلفين أو الكتاب في إنتاج المادة الإلكترونية بشكل تعاوني .
5. يمكن توزيع المادة الإلكترونية لكل أرجاء الأرض دون الحاجة لأجور التوزيع.
6. يمكن للمستفيد شراء المقالة أو الدراسة الواحدة فقط ، بعكس الدوريات التقليدية التي يتم شراء الدورية كاملة.

وبعد هذا العرض للمميزات وصفات وخصائص النشر الإلكتروني نوضح الفروق بين عملية النشر التقليدي وعملية النشر الإلكتروني:-
النشر الإلكتروني النشر التقليــدي
1. إمكانية تجميع الوثيقة بأشكال متعددة صوتية، نصيه، وصورية. 1. وهذا ما يصعب عمله في الوثائق التقليدية ويطول عمله وهو مستحيل في الشكل الصوتي
2.إمكانية الإنتاج السريع والعالي لكم كبير من الوثائق الإلكترونية. 2. وعلى العكس في الوثائق التقليدية، حيث تحتاج إلى وقت طويل.
3. تضل الوثيقة الأصلية على جودتها ومن الممكن أن تضيف تحسين وتعديل عليها 3. عدم القدرة على الإضافة والحذف لأن هذا سوف يشوه مظهرها.
4.إمكانية التعديل والتجديد وإعادة استخدام البيانات ، قد يطرح مشكلة في درجة الثقة والضبط . 4. عدم القدرة على استخدام البيانات والتعديل فيها ،يعطى الوثيقة ثقة تامة وضبط ، حيث تضمن سلامتها من العبث .
5. إمكانية التوزيع السريع للوثيقة بشكل سريع وفي أي مكان 5. صعوبة نشر الوثيقة بسبب الإجراءات الطويلة التي تمر بها، وهذا قد يكون ميزة وعيب.
6.صعوبة تحديد وتطبيق الحقوق الفكرية وتطبيق القوانين الإيداعية 6. وهنا على العكس حيث تضمن الحقوق كامل من ناحية الإيداع وضمان حقوق المؤلف .

وبلا شك بأن هناك تأثيرات على المكتبة من خلال تعايشها مع النشر الإلكتروني نوجزها كما تناولها بشار عباس وآخرون في النقاط التالية:-
1. تخصص المكتبات التجارية في الدول المتقدمة جناحاً خاصاً لبيع أقراص المدمجة،
CD ROM ومع تزايد استخدام هذه الأقراص بدأت هذه المكتبات تنظيم بيعها من خلال برنامج حاسوبي يصنف هذه الأقراص موضوعياً ويعرضها ضمن قوائم ، مما سهل على العميل إنتقاء القرص الذي يريده.
2. أخذت المكتبات العامة تخصص قسماً خاصاً بالأقراص المدمجة يستطيع فيها المشترك أن يستعرض الأقراص الموجودة ضمن قائمة استعراض عامة ، وإذا اختار القرص المطلوب يستطيع طلبه.
3. تستطيع المكتبات العامة اليوم أن تبحث عن عناوين الكتب التي تغطى مجالاً معيناً يطلبه المستفيد وذلك صورة سريعة من خلال برامج حاسوبية وإذا لم تكن النتائج مقنعة يستطيع الاستعانة بالإنترنت من خلال فهارس بعض المكتبات، ويمكن طباعة هذه المعلومات في ثواني، وهنا يكمن الفرق في الوقت بين البريد وبين هذه العملية.
4. في عالمنا اليوم تتضاعف المعلومات كل خمس سنوات مما يجعل متابعة كل شيء في هذا المجال من مقالات وكتب وتقارير ونشرات مستحيلاً دون استخدام قواعد بيانات متقدمة تستعين بمكانز متخصصة ، ومن الملاحظ عند بعض المنظمات العلمية تحديث القواعد بصورة تعاونية وإصدار القوائم المحدثة سنوياً على أقراص مدمجة وتوزيعها بهدف تعميم الفائدة منها.
5. بدلا من إصدار نشرات الإحاطة الجارية شهرياً تستطيع المكتبات الحديثة اليوم إصدار هذه النشرات بشكل يومي من خلال موقعها في شبكة الإنترنت دون تحمل طباعة وتكاليف بريد .
6. تستطيع المكتبات الحديثة اليوم نشر كشافاتها ومستخلصاتها ونظم استرجاع المعلومات الخاصة بها من خلال موقعها على شبكة الإنترنت وبالتالي يستطيع المستفيد أن يحصل على هذه المعلومات وهو في مكتبة أو بيته مما يسهل عملية تحديد الكتاب أو الشيء المطلوب .
7. تستطيع المكتبات الحديثة بناء نظم الأرشفة الضوئية لتحل محل تقنيات المصغرات الفلمية، ذلك لحفظ صور المقالات المهمة من الدوريات والتقارير والنشرات، وبذلك يمكن إدخال المقالات الحديثة واسترجاعها بسهوله تامة من خلال قاعدة للبيانات، ولقد أصبح هذا الحل ممكنا بسبب الانخفاض المستمر في أسعار الأقراص الضوئية. مما جعلها في متناول الأفراد العادين.
8. لا بد للمكتبات الحديثة من أن تتعامل مع الكتب الرقمية الإلكترونية وتستطيع أن تحقق الفائدة القصوى من ذلك، أن تقوم باستخدام نظم استرجاع المعلومات للنص الكامل، وهي التي تبحث في النص أو المقال وذلك بواسطة الكلمات المفتاحية من صلب النص نفسه.
9. لقد ارتفعت أسعار بعض المطبوعات مما يجعل هذه الأسعار تتجاوز القدرة الشرائية لأي فرد ولا يمكن توفرها إلا في المكتبات فقط، وقد أدى الارتفاع المستمر في الأسعار إلى أن أصبح بعض هذه المطبوعات خارج حدود إمكانات المكتبات الصغيرة والمتوسطة، وهذا يقلل فرصة الحصول على المعلومات.
10. يتعزز لاتجاه نحو استخدام الوسائط الإلكترونية لإرسال الرسائل وتقديم خدمات التكشيف والاستخلاص، والموجزات الإرشادية والأدلة والتقارير الفنية وبراءات الاختراع والمواصفات القياسية والدوريات المتخصصة في العلوم. ولكي يكون من الممكن استرجاع هذه المواد التي تشكل مصادر معلومات أساسية في المكتبات، لابد من وجود نماذج مبدئية لنظم المعلومات تسمح بإعداد الوثائق ونقلها والإفادة منها واختزانها وتكشيفها ثم إعادة بثها دون الحاجة للورق .
11. تغيير مفهوم التعامل بين الناشر أو المزود والمكتبة وأصبحت هناك حاجة إلى فهم قانوني أكبر لهذه التعاملات وخاصة فيما يتعلق بالتراخيص والعقود وصياغتها وأجراء المفاوضات وطريقة دفع الالتزامات المالية .
12. أصبحت المخاوف الأمنية من الاختراقات أو الاستخدامات السيئة للنظم هاجساً حقيقياً أفرزته التقنيات والنظم الحديثة التي جاءت للمكتبات وأدخلتها في بيئتها.
13. أخيراً فإن المكتبات عموماً والأكاديمية أو البحثية المتخصصة على وجه الخصوص ستجد نفسها ملزمة بالسير في طريق التطور والمتابعة بغية تنفيذ برامج تخدم روادها بشكل يتناسب مع تطورات العصر ويصل بها دائماً إلى هؤلاء الرواد في أماكنهم فيصبح مفهوم الارتياد يتجاوز الحضور الجسماني إلى مبنى المكتبة المحسوس بكثير .
وأخيرًا فهناك بعض المشاكل التي يمكن أن تظهر من جراء النشر الإلكتروني وخاصة في حال التعامل مع الدوريات الإلكترونية فإن ما أبرزه كل من (وب كلينج وروبرت لامب) حيث أكدا على وجود كم كبير من المصادر الببلوجرافية التي يمكن البحث فيها إلكترونياً ومن ذلك الدوريات الإلكترونية المتاحة عبر الإنترنت، وكل ذلك أفرز بعض المشاكل العلمية وخاصة في المجال الأكاديمي ومن ذلك:-
1. سرعة توزيع هذه المجلات وإمكانات البحث فيها مباشرة .
2. قد تكون النصوص الإلكترونية تشكل بعض الصعوبات في الكثير من الأماكن إلا إذا تم طباعتها على ورق ومثال ذلك قراءة مثل هذه المقالات في الرحلات .
3. المقالات والدراسات المنشورة إلكترونياً بشكل كامل تعاني من عدم قبول بعض اللجان الأكاديمية لها كمواد بحثية شرعية في الجامعات والمرافق البحثية والمدارس العلمية الخاصة بالترقيات .
4. سببت وكشفت جوانب ضعف في سياسات التزويد وبناء المجموعات في المكتبات الجامعية التي تتناول المواد الإلكترونية وادارتها وحفظها على الدوام.
5. وجود حدود تقنية وحواجز قد تمنع الاستفادة الكاملة من المادة الإلكترونية.
مما أورد كل من كلينج ولا مب اتفق في مجملة مع م جاء في ما أورده عماد عبد الوهاب صباغ الذي أورد المشاكل الخاصة بالنشر الإلكتروني عند مقارنتها بنشر التقليدي فأوضح : -
1. ضرورة توفر بيئة تقنية متطورة في المجتمعات المستخدمة مما قد لا يكون متوفراً أو مكلفاً وإلا انعدمت الفائدة المرجوة .
2. قد تكون تقنيات النشر الإلكتروني صعبة لدى الكثيرين وتطلب خبرة .
3. يتم حرمان كل من لا يمتلك قنوات التواصل الإلكتروني من الاستفادة والوصول إلى المواد المنشورة إلكترونيًا.
4. الجهد المبذول في تصفح المادة الإلكترونية هو أكثر من ذلك المبذول في تصفح أوراق المادة التقليدية ، حيث الدخول على الشبكة تكبير حجم الخط واستعراض الصفحات وغيرها .
5. إمكانية الدخول بالشبكات واستعراض المواد الإلكترونية يرتبط بتوفير إمكانية إضافة مثل توفر الاتصالات الأجهزة والكهرباء مما يعني تأثر النشر الإلكتروني بضعف أي من هذه الإمكانيات .
وقد طرحت ريتا الكولا بعض المشاكل الأخرى ذات العلاقة بمحركات البحث حيث أن أدوات البحث المتوافرة عبر الإنترنت تتميز بالقوة والتطور ولكن المشكلة في أن مفاهيم التكشيف وحجم التغطية لقواعد البيانات ومحركات البحث المستخدمة تختلف فيما بينها بشكل واضح، إضافة إلى أن خدمات محركات البحث التجارية غير مضمونة الاستمرار والتواصل .
من ناحية أخرى فإن المخاطر الأمنية بضبط الدخول بالشبكات والنظم والتعاطي معها ومحاولات التأثير عليها بالتخريب أو التغيير هي من المشاكل العامة التي تتعرض لها كافة النظم الآلية ومنها الشبكات والقواعد وتمثل المشاكل الممكنة في الفيروسات المتنقلة بعدة طرق .




قائمــة المصـادر

1. سهر إبراهيم حسن، النشر الإلكتروني، مجلة المكتبات والمعلومات العربية، النشر ع 3س20 ربيع الآخر 1421 هـ ، ص 170 – 186 .
2. هدى محمد باطويل ، منى داخل السريحي، النشر الإلكتروني الاتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات : كتاب دوري، م 9 ع 17 ، يناير 2002م ص 23-54 .
3. بشار عباس، دور الإنترنت والنشر الالكتروني، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية، م 3 ع 2 – ذو الحجة .
4. يا سر العمرو الأسرة ، للبحث عبر الإنترنت أصول ع 106 ، محرم م1423 هـ ص 52 .
5. علاء السالمي، محمد النعيمي، أتمته المكاتب، ط. عمان، دار المناهج للنشر والتوزيع، 1999
6. محمد أمان، ياسر عبد المعطي، النظم الأولية للمكتبات ومراكز المعلومات، ط2، الرياض، مكتبة الملك فهد الوطنية، 1998م.




د. جبريل بن حسن العريشي
جامعة الملك سعود – كلية الآداب
قسم علوم المكتبات والمعلومات
ت: 4675026 – 4675021

السبت، 3 أبريل 2010

النشر الإلكتروني للــــدوريـــــــــات
المقدمة
مما لا شك فيه أن ثورة المعلومات والاتصالات التي يشهدها العالم المعاصر كان لها انعكاساتها وتأثيراتها في مؤسسات المعلومات وإداراتها، وطبيعة مقتنياتها، والخدمات التي تقدمها، وخاصة، بعد النقلة الكبيرة التي حصل فيها التزاوج بين تقنيات الحواسيب والاتصال بعيدة المدى، وظهور الشبكات المتطورة، والنشر الإلكتروني بآفاقه ومنافذه الواسعة في ظل عصر مجتمع المعلومات.
وفي مثل هذه البيئة التكنولوجية، وظهور الاتجاهات الحديثة للمعلوماتية أخذت المكتبات ومراكز المعلومات تعنى بشكل متزايد بتطوير خدماتها، ومصادر المعلومات التي تقتنيها، ومنها مصادر المعلومات الإلكترونية، فظهرت الكتب ودوائر المعارف والقواميس والدوريات الإلكترونية المتاحة على أقراص الليزر المتراصة (CD-ROM) أو عن طريق نظام البحث بالاتصال المباشر (Online) فضلاً عن ظهور تكنولوجيا النص الفائق والنصوص المترابطة ومن بينها الوسائط المتعددة(Multimedia) وغير ذلك.
ويأتي هذا البحث ليتناول الدوريات الإلكترونية، ويبين ويستعرض ويناقش الآتي:
1ـ ماهية الدورية الإلكترونية وعناصرها الأساسية.
2ـ مزايا الدوريات الإلكترونية وعيوبها.
3ـ نماذج وأمثلة من الدوريات الإلكترونية.
4ـ بعض المشروعات الرائدة والتعاونية لهذا النوع من الدوريات.
5ـ تطور نشر الدوريات الإلكترونية في برنامج شبكة (OCLC) في الولايات المتحدة الأمريكية.
6ـ استخدام النشر المكتبي في إنتاج الصحف والمجلات.
7ـ مصادر وأدوات الاختيار للدوريات الإلكترونية.
8ـ نشر الدوريات إلكترونياً في شبكة الإنترنيت.
9ـ مستقبل النشر الإلكتروني للدوريات.
أولاً: تعريف الدوريات الإلكترونية
الدورية الإلكترونية عبارة عن مرصد بيانات تم كتابته ومراجعته وتحريره وتوزيعه إلكترونياً، وتمثل أحد مصادر المعلومات التي لا يوجد لها نسخة ورقية بالمعنى المتطور لمفهوم النشر الإلكتروني• إذ يتم إدخال بيانات المقالات وتقييمها وتشذيبها وقراءتها إلكترونياً عبر طرفيات الحواسيب، وتمثل تطور ونتاج المؤتمرات عن بعد (Teleconferences)(1)•
ويعنى هذا النمط من الدوريات بنشر بحوث ودراسات علمية، فضلاً عن العروض والآراء والأخبار ذات العلاقة• وتخضع موادها للتحرير والتحكيم، وتستخدم شبكات إلكترونية كقنوات أولية لتوزيع معلوماتها، وستوفر على القارئ الوقت وأجور الاشتراك من خلال اطلاعه على المقالة التي تعنى باهتمامه دون الحاجة إلى الاشتراك في المقالات الأخرى التي تنشرها الدورية.
ثانياً: عناصر الدورية الإلكترونية
تقوم فكرة الدورية الإلكترونية على العناصر الآتية(2):
1ـ يمكن للمؤلف الذي يقوم بكتابة بحث إعداد نص هذا البحث باستخدام أحد المنافذ المرتبطة بحاسوب مركزي أو مضيف عبر إحدى شبكات الاتصال، ويمكن للمنفذ أن يكون مجرد آلة طباعة عن بعد Teletype بسيطة، أو وحدة للعرض البصري ملحق بها طابعة، أو حاسوب متناهي الصغر يستخدم في تجهيز النصوص وملحق به آلة طابعة.
2ـ يمكن بمجرد انتهاء المؤلف من إعداد بحثه إعلام زملائه العاملين في المجال نفسه بوجود البحث ودعوتهم إلى إبداء الرأي فيه، وبإمكانهم الحصول عليه باستدعائه على المنافذ الخاصة بهم• وتسجيل ما لديهم من مقترحات على الخط المباشر.
3ـ بعد مراجعة البحث في ضوء ما تلقاه من تعليقات وملاحظات يمكن للمؤلف تحويله عبر شبكة الاتصالات إلى النظام الإلكتروني المضيف وبالوقت نفسه الذي يمكنه فيه إعلام رئيس تحرير الدورية لتقديم البحث• وهنا يمكن اختزان البحث في ملف خاص في النظام الإلكتروني.
4ـ يمكن لرئيس التحرير بعد فحص البحث بشكل مبدئي تحديد المحكمين الذين يتم الاحتفاظ بأسمائهم وتخصصاتهم واهتماماتهم الموضوعية في دليل متاح على الخط المباشر.
5ـ بعد مراجعة البحث على المنافذ الخاصة بهم يمكن للمحكمين تحويل ملاحظاتهم عبر شبكة الاتصالات عن طريق رئيس التحرير إلى المؤلف• ويمكن بعد إجراء المؤلف التعديلات اللازمة اتخاذ قرار البحث أو رفضه من جانب رئيس التحرير.
6ـ يمكن في حالة قبول البحث نشره وذلك بتحويله في شكله النهائي من الملف الخاص إلى ملف عام أو أرشيفي متاح للمشتركين في الدورية.
7ـ يمكن بعد ذلك إرسال اسم المؤلف وعنوانه، وعنوان البحث، ومصطلحات استرجاعه، واسم الملف العام الذي يضمه عبر شبكة الاتصالات إلى مرافق التكشيف والاستخلاص المناسبة، لإدخال بيانات البحث في قواعد البيانات الخاصة بها.
8ـ من الممكن إعلام المشتركين في الدورية بوجود البحث وكل ما نشر من بحوث جديدة في مجال الاهتمام وحسب الحاجة.
ويبدو أن التخطيط لهذا الشكل المتطور لنشر الدوريات متحيزاً لمتطلبات الدورية العلمية أو المتخصصة حيث يركز على إجراءات التحكيم، إلا أنه من الممكن للدورية الإلكترونية أن تظهر في عدة أشكال أخرى بما فيها النشرات الإخبارية والدوريات غير المحكمة كقطاع في إحدى شبكات الاتصال الإلكترونية.
وقد انتشرت هذه الدوريات انتشاراً واسعاً في بداية التسعينات حتى أصبح هناك من يهتم بأدلة الدوريات الإلكترونية فيصدرها ويعمل على تحديثها بانتظام، وبتفحص أدبيات الدوريات الإلكترونية نجدها قد صنفت تلك الدوريات إلى:
1ـ محتوى مطبوع والالكتروني في الوقت نفسه، مثال :
- The Institute for Scientific Information's biweekly News paper.
- The Scientist.
- Public Access Computer Systems Review and Current Cites.
2ـ محتوى إلكتروني بدون رسوم.
3ـ محتوى إلكتروني برسوم قليلة نسبياً.
ويظهر أن الدوريات الإلكترونية التي تصدر في شكل رسائل إخبارية قد بدأت في تقديم خدمات مرجعية تتمثل في الرد على الأسئلة والاستفسارات التي ترد إليها في نطاق موضوعي محدد، وبذلك أدخلت بعض العناصر الجديدة في مسؤولية المقالات المنشورة من حيث عدد المؤلفين وانتساب المسؤولية الفكرية بالإضافة إلى مجموعات الاهتمام المشترك(3).
ثالثاً: مزايا الدوريات الإلكترونية وعيوبها
تتميز الدوريات الإلكترونية بالعديد من الخصائص التي تميزها عن سواها من الدوريات الورقية أهمها:
1ـ الكثافة العالية في اختزان البيانات والتوفير في الحيز المكاني بعكس الدوريات الورقية التي تحتاج إلى مساحات أكبر ومكان مهيأ لحفظها فضلاً عن متطلبات الحفظ والصيانة والتجليد.
2ـ إمكانية البث السريع للمواد الجديدة وتفاعل القراء والمؤلفين مع محتوياتها بينما تحتاج الدوريات الورقية إلى وقت طويل لإجراءات الشحن، والاستلام والتسجيل، وسواها.
3ـ التوفير الكثير في المبالغ التي كانت تصرف على إجراءات التزويد وطلب المطبوعات وأجور النقل وكلفة التجليد وفقدان المطبوعات.
4ـ تتيح الدوريات الإلكترونية المتوافرة على الإنترنيت إمكانية البحث في محتوياتها في الوقت نفسه لعدد من المستفيدين في حين لا يستخدم الدوريات الورقية إلا شخص واحد في الوقت نفسه.
5ـ تتيح قواعد بيانات الدوريات الإلكترونية إمكانية البحث في محتويات عدد كبير من الدوريات واسترجاع المخرجات بسرعة كبيرة.
ورغم المزايا الواضحة للدورية الإلكترونية إلا أن هناك عيوباً ما زالت لم تجد لها الحلول المناسبة، ولعل أهم هذه العيوب هو محدودية القراء، وربما ستتحسن هذه الحالة مع تطور شبكات الاتصال على النطاق الدولي وذلك عندما يتحقق لمعظم الباحثين الكتابة لجمهور دولي حقيقي• وهناك مشكلات أخرى قانونية وسياسية تتعلق بتدفق البيانات والمعلومات عبر الحدود الوطنية، كما أن هناك عقبات تقنية تحتاج مثل هذه المصادر الإلكترونية التغلب عليها قبل أن تتمكن من منافسة الطبع على الورق بنجاح، مما ينبغي تأسيس تقنيات مناسبة موحدة لتشفير الرسوم والمخططات يتبناها ويعنى بها المهتمون بتطوير الأجهزة والبرامج• ولعل هذه الميزات والعيوب تشير إلى أن هناك أنواعاً من المعلومات المختصرة أو المواد المفرطة في التخصص والتي يمكن أن تتحول إلى الشكل الإلكتروني، وتبث من خلال شبكات الحواسيب، وفي كل الأحوال فالناشرون الذين يصدرون الدوريات الإلكترونية متوازية مع الشكل المطبوع يضعون أنفسهم في مكان تنافسي أفضل بمقارنتهم بالذين يكتفون بالشكل الإلكتروني وحده(4).
رابعاً: نماذج من الدوريات الإلكترونية
تعرضت المجلات العلمية بشكلها الورقي في الوقت الحاضر إلى متغيرات تتمثل بعجزها الحالي عن الإيفاء بالحاجة الماسة لنشر المعلومات بمواجهة ثلاثة عوامل ضاغطة وهي(5):
أ- الكلفة: ويبدو ذلك بتضاعف اثمان الورق وأزدياد كلفة النشر، وبذلك تزداد اسعار الدوريات في الوقت الذي تعاني المكتبات ومراكز المعلومات من تقليص ميزانياتها • فعلى سبيل المثال إرتفعت مشاركات الكشاف الكيميائي CA من (12) دولار عام 1940 إلى (3500) دولار في عام 1978، وبلغت كلفته (9600) دولار لعام 1986م • يقابل ذلك انخفاض مستمر في أثمان الحواسيب وكلف التخزين.
ب ـ التشتت: إذ يقدر أن ثلث ما ينثر يقع في الدوريات المتخصصة في حين يكون الثلث الثاني في دوريات أكثر اتساعاً، أما الثلث الآخر فينشر في دوريات لا يتوقعها الباحث ، وعليه فإن الباحث سيحصر نفسه في ثلث المعلومات خلال متابعته للدوريات المتخصصة.
جـ ـ التأخير في النشر: فقد ظهر أن التأخير في النشر عام 1974م كان بمعدل (9.4) شهر بين العلوم المختلفة وتبيّن أيضاً أن مقالة طبية هامة قدمت لخمس مجلات قبل أن تقبل للنشر بتأخير بلغ(21) شهراً وقد حصل أن مجلة Sociomary كانت قد تسلمت عام 1978م ( 550) مقالة صالحة لنشر بينما لديها إمكانية لنشر (39) منها فقط مع ارتفاع مستمر في كمية ما ينشر.
ومن هنا فإن الدوريات التقليدية اليوم أصبحت على وشك تغيير جذري وستحل محلها دوريات مخزنة في مراصد المعلومات الإلكترونية• وقد لجأ عدد من الناشرين إلى نشر مختلف الدوريات العلمية إلكترونياً لتقليص الكلفة وزيادة الأرباح• وتشجع المكتبات مثل هذا الاتجاه شرط تخفيض تكاليفه مقارنة بالأشكال الورقية، لأن الدوريات الإلكترونية بالنسبة لها أفضل وأسهل من حيث التخزين والاستخدام والاسترجاع.
ومن الأمثلة على هذه الدوريات Harvard Business Review ويخزن النص الإلكتروني في بنك معلومات (لوكهيد) ويبحث المستفيد في إعداد الدورية من خلال الخط المباشر، وباستخدام المصطلحات المفتاحية (Key Words) للبحث في العنوان أو المستخلص أو النص نفسه، ومن المجلات الأخرى أيضاً مجلة Business Week التي ينشرها الناشر ماكجروهيل (Mc-Graw-Hill) بالإضافة
إلى (13) مجلة أخرى ينشرها الناشر نفسه(6)•
وفي عام 1983م نشرت مجلة فصلية مكرسة إلى (ميكنة المكتبات وشبكات المعلومات) وهي دورية دولية ومحررها هولندي يدعى (David Raitt) ولجنة تحريرها مكونة من خبراء دوليين، كما بدأت شركة بريطانية من نشر مجلة إلكترونية حول المعلومات في خريف عام 1984م تهتم بالنشر الإلكتروني واسترجاع المعلومات ونظم المعلومات الحديثة(7)•
وتستخدم مجموعة من النظم في استرجاع المعلومات الصحفية وتتمثل في نظام معلومات نيويورك تايمز (New York Times Information Bank) ، ونظام نيكيس NEXIS ونظام Globle Data ، ونظام داتاكورير Data Courrier وهذه النظم توفر النصوص الكاملة أو مستخلصات ومحتويات بعض الصحف والمجلات ونشرات الأخبار وذلك من خلال خدمات التكشيف والاسترجاع الفوري للمعلومات(8)•
لقد أصبحت الدوريات المقدمة بأشكال مطبوعة من أكثر المشكلات إزعاجاً للمكتبيين• إذ أن عدد الدوريات وتكاليف الاشتراك بها يزدادان بمعدلات مثيرة للقلق مما أدى إلى تناقص الاشتراك بالدوريات الورقية• فمنذ منتصف السبعينيات ألغت العديد من المكتبات الأمريكية وخاصة المكتبات الأكاديمية اشتراكاً أو أكثر في خدمات التكشيف والاستخلاص المطبوعة لتوافرها آلياً على الخط المباشر، ومن أشهر الأمثلة على ذلك الكشاف الطبي Index Medicus والمستخلصات الكيميائية Chemical Abstracts • ولقد تعاقدت مجلة Harvard Business Review مع دار نشر جون وايلي John Wiley على نشر محتوياتها كاملة آلياً من خلال شبكة معلومات معروفة
باسم (NEXIS) منذ عام 1982م• وتقدم هذه الشبكة النصوص الكاملة لما يزيد على مائة من الصحف والمجلات والنشرات الإخبارية آلياً ومنها على سبيل المثال، صحيفة واشنطن بوست Washington Post ونيوزويك News Week والايكونومست The Economist وسواها(9)•
هذا وقد شهدت السنوات الأخيرة تسابقاً بين شركات نظم المعلومات على إتاحة قواعد البيانات الببليوغرافية والكشافات والمستخلصات والنصوص الكاملة لمحتويات المجلات في الشكل الإلكتروني المختزن على الأقراص المتراصة (CD-ROM)•
وشرعت بعض المكتبات ومراكز المعلومات بتوفير النصوص الكاملة إما على شكل مصغرات فيلمية كالمايكروفيش، أو الحصول على نسخ ورقية مصورة عند الطلب للصفحات المطلوبة بالذات عن طريق الفاكسميلي، كما أصبح الاتجاه حالياً نحو البحوث والمقالات المنشورة في الدوريات العلمية والمتخصصة بشكل خاص لكثرة الطلب عليها• فعلى سبيل المثال، بدأت الجمعية الأمريكية للكيمياء ومنذ عام 1983م توفير خدمات المعلومات عن طريق الاتصال المباشر لتلك الدوريات العلمية التي تصدرها وبالنص الكامل، وليس إعطاء معلومات ببليوغرافية ومستخلصات لها فقط(10)•
وتتوافر أيضاً المجلة الوطنية الجغرافية )لفترة 108 سنوات (ى الأقراص المتراصة كاملة The Complete National Geography 108 Years on CD-ROM منذ ظهورها عام 1888م، مع مقالاتها الأصلية، والصور، والخرائط، والإعلانات، ويعمل هذا القرص على الحـواسيب الشخصيـــة وحــواسيب ماكنتـوش بنظام(Windows) (11) •
وفي علوم التربية، الكيمياء، والكيمياء الحيوية، هناك أكثر من مائة مجلة، أكاديمية الكترونية تتوافر لدى كل من الناشرين.
((Taylor and Francis و(Wiley Interscicnce) و(Kluwer Academic Publisers) كما أن المجلة الأمريكية للعلوم (American Journal of Science ) التي أسست عام 1818 وتعّد من أقدم الدوريات العلمية في الولايات المتحدة والمستمرة في الصدور تتبنى نشر قوائم بمحتويات ومستخلصات إصدارتها للأعوام 1995-1999م الكترونياً وتعنى مجلة الرياضيات الأمريكية (The American Journal of Mathematics) والتي هي من أقدم المجلات في هذا الحقل بنشر النصوص البحثية المتكاملة الكترونياً منذ عام 1996م(12) .
وفي مجال علم المعلومات يمكن الإشارة أيضاً إلى ان عدد الدوريات الالكترونية للمدة في 1995-2001م كما أوضحت ذلك بعض الدراسات الببيلومترية قد بلغ (28) دورية تضمنت(1120) مقالة متخصصة في هذا العلم واكثر مؤلفي هذا المقالات هم من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ومعظمها الفّت بشكل منفرد، وبشكل أكبر في المؤسسات الأكاديمية .
ويبّين الجدول رقم (1) أسماء هذه الدوريات التي تم ترتيبها وفقاً لعدد المقالات المنشورة فيها في علم المعلومات بدءاً بالمجلة الأولى الأكثر غزارة في عدد المقالات وهي (Ariadne) التي نشرت (253) مقالة وأخر مجلة وهي (Italics) والتي نشرت مقالة واحدة ، اما بالنسبة لأكثر الموضوعات الشائعة التي مثلتها هذه المقالات فهي المعلومات الإلكترونية والنشر الإلكتروني ، والمكتبات الافتراضية، والبحث عن المعلومات واسترجاعها، واستخدام الإنترنيت.
ويظهر في الجدول رقم(2) أن أكبر عدد من مقالات الدوريات نشر في عام 2000م حيث تم نشر (258) مقالة وأقلها كان في عام 1995م حيث نشرت (26) مقالة (13)
ومن الأمثلة الأخرى على تحول العديد من المكتبات للاشتراك بالدوريات الإلكترونية
في الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك (119) مكتبة بحثية من أكبر المكتبات البحثية
The Association of Research Libraries (ARL) قامت بين 1990 - 1992م بإلغاء الاشتراك في دوريات تصل قيمتها إلى (21) مليون دولار أمريكي(14)•
لقد أصبح الاشتراك في الدوريات العلمية مكلفاً من الناحية المالية فأصبحت تمثل عبئاً في الوقت الذي تشهد فيه مختلف أنواع المكتبات ومراكز المعلومات وخاصة المكتبات الجامعية والبحثية تقليصاً في ميزانياتها• إذ يقدر معدل الاشتراك السنوي في الدورية العلمية الواحدة بحدود (900) باون إنجليزي، ومن جانب آخر أصبح العديد من مقالات الدوريات متاحاً للمستفيدين عبر شبكة الإنترنيت، فهناك حوالي (1500) صحيفة، و(3700) مجلة، فضلاً عن (50.000) كتاب تنشر سنوياً في الإنترنيت(15)•
وهكذا فقد غيرت التطورات التكنولوجية المعاصرة في مجال المعلومات أوجهاً كثيرة في نظم الاتصال من نقل وبث المعلومات في مختلف مجالات الحياة، وأصبح الاتجاه السائد هو الإفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصال لتطوير نظم معلومات إلكترونية تعتمد في أساسها على تخزين واسترجاع وبث معلومات غير ورقية• فأصبحت هناك كميات كبيرة من المعلومات (مقالات، نتائج دراسات، وأبحاث علمية) تنتج وتنظم وترسل إلكترونياً باستخدام نظم الاتصال اللاسلكية الرقمية، ومن ثم تنشر دون الحاجة إلى الورق أو الحبر أو المطابع.
خامساً: بعض المشروعات للدوريات الإلكترونية
من المشروعات الرائدة في هذا المجال هو مشروع أدونيس (Adonis Project) • بدأت فكرة المشروع عام 1980م باتفاق مبدئي بين كل من الشركات الآتية:
1- Elseiver North Holland.
2- Pergammon press.
3- Black - Well Scientific Publishers.
4- Springer varlag.
5- John Wiley Sons.
6- The Academic Press.
على إمداد إصداره من دورياتهم العلمية الطبية بشكل قابل للقراءة الآلية
(Machine Readable Form) إلى مركز تجمع لطبع أي مقالة من هذه الدوريات(16)، وقد كان المنطلق عندما تزايد قلق العديد من الناشرين العالميين بسبب قلة الاشتراك في دورياتهم وعلى
رأسهم (Elsevier) مما دفعه إلى تقديم اقتراح إلى أكثر الجهات المعنية بتقديم خدمات التصوير في أوروبا وهي British Library Document Supply Ceneter والتي كانت تعرف سابقاً باسم British Lending Library • وملخص مقترحه هو القيام بدراسة مشتركة لتحديد أكثر المقالات المطلوبة لنشرها بشكل منفصل في مجلد إلكتروني وحسب الطلب• وذلك اقتصاداً في نفقات النشر لمجلدات ورقية غير مرغوب فيها ولا تستخدم، وتكفل للمكتبة اقتصاداً في النفقات والحيز المكاني لحفظ الدوريات• وكانت أكثر المقالات المطلوبة في موضوع الـ(Biomedical) • وقد بلغ عدد الطلبات للنصوص في هذا الموضوع ثلاثة ملايين طلب وذلك عام 1983م• وقد كتب للمشروع النجاح فازداد عدد المستفيدين المشتركين في خدمات هذا المشروع الذين توزعوا على عشرة دول في العالم خلال عام 1991م(17).
ويعد هذا المشروع من المشروعات التعاونية التي توثق العلاقة بين الناشرين والمكتبات وتحقق الاقتصاد في خدمات الدوريات على أساس تقديم ما هو مطلوب فعلاً من مقالات الدوريات المتخصصة.
ويمكن القول أن مشروع أدونيس قد حظي بدعم أوروبي كامل منذ بداية الثمانينات للتخطيط وتشجيع الاستفادة من تقنية المعلومات الجديدة، وذلك بعقد الندوات واللقاءات وتقديم الدراسات وتنمية المشروعات والبرامج من أجل استخدام وسائط المعلومات الحديثة كمشروعات مشتركة بين الناشرين والمصنعين من أجل الوصول إلى مواصفات قياسية أوروبية للأقراص الليزرية المتراصة في السوق بدءاً من الأقراص المحملة بالببليوغرافيات والمستخلصات إلى المحملة بالنص الكامل كالقواميس والموسوعات وغيرها(18).
ومن المشروعات الأخرى يمكن تقديم عرض موجز إلى الآتي(19) :
أ - مشروع كور :Core
وهو مشروع تجريبي قامت به جامعة كورنيل Cornell في أوائل التسعينيات بالتعاون مع الجمعية الكيميائية الأمريكية (ACS) • إذ قدمت الجمعية عشر سنوات من الدوريات التي تصدرها وحولتها إلى الشكل الإلكتروني.
ب- مشروع رسيج :Red Sage
وهو مشروع تعاوني أيضاً بين جامعة كاليفورنيا (كلية الطب) وشركة AT&T وهي شركة اتصالات، وكذلك الناشر Springer - verlag • وقد وضعت بعض الدوريات التي يصدرها الناشر في البيولوجيا الحيوية على الشبكة المحلية (LAN) • وبدأ المشروع في يناير 1994م، وأضيفت دوريات أخرى من ناشرين آخرين.
جـ- تيوليب TuLIp:
وتدل الحروف الاستهلالية على The University Licensing Program ، وقد بدأ في مارس 1991م، وهو مشروع تعاوني بين الناشر Elsevier وتسع جامعات• ويبث هذا النظام حوالي
(120000) صفحة من مواد الدوريات العلمية كل عام وتحميلها على شبكة الإنترنيت للمستخدمين بالحرم الجامعي• وقد اختارت كل جامعة برنامجها الخاص بالبحث والاسترجاع مع دمج ملفات TuLIp في نظم المعلومات الجامعية.
ومن المشروعات الأخرى (02)•
مشروع اتحاد كلورادو لمكتبات البحث Colorado Alliance of Research Libraries (CARL) لإنشاء قاعدة بيانات خاصة للتعريف بمقلات الدوريات في كشاف متاح على الخط المباشر (Online)• وقد بدأ هذا المشروع عام 1988م، وكان في عام 1991م يشمل على (1.6) مليون مقالة، وبمعدل نحو حوالي 3000 مقالة يومياً• ويغطي هذا الكشاف الدوريات التي ترد إلى المكتبات الأعضاء في الاتحاد والتي يزيد عددها على (10270) دورية.
وهناك من يعمل على تقديم مشروعات لجعل عملية نشر البحوث في الدوريات الإلكترونية حية ومتجددة وبخاصة الدوريات الأكاديمية لأن من أهم الخصائص الفريدة للدوريات هو جعل مقالاتها متجددة من قبل مؤلفيها وهذا ما يجعل هذه الدوريات حية مثل الكائن الحي عندما تثبت استمراريتها وقدرتها على التطوير والاستخدام• ومثل هذه الدوريات تعد من أهم وسائل الاتصال المؤثرة التي يمكن للاكاديمين استخدامها في بث ونشر أفكارهم ومشاركة طلبتهم في مختلف المجالات.
ويكون النشر باستخدام الشبكة العنكبوتية (الويب) وذلك للفرص التي تتيحها لنشر البحوث والدراسات والعروض النقدية والوصول إلى مختلف فئات المستفيدين عبر بقاع مختلفة في أنحاء العالم.
سادساً: تطور نشر الدوريات الإلكترونية في برنامج OCLC
قام مركز المكتبات المحوسبة على الخط المباشر في الولايات المتحدة الأمريكية
Online Computer Library Center (OCLC) بالنشر الإلكتروني لبعض الدوريات العلمية، ويسمح برنامج جيدون (Guidon) الذي وضعه المركز للباحث باختيار طرق الاتصال عن بعد للتصفح Browsing وقراءة أي نوع من الدوريات الإلكترونية التي يصدرها المركز ويعتبر عام 1992م العام الذي بدأ به المركز نشاط النشر الإلكتروني بإصدار دورية )المحاولات الإكلنيكية الجارية على الخط المباشر(، وفي يناير 1995م أصدر المركز أربع دوريات أخرى وهي(21):
1- Immunology Today.
2- Current opinion in Biology.
3- Current opinion in Medicine.
4- Applied physics Letters On-Line.
وفي المدة بين 1992 ، 1995م صدرت الدوريتان التاليتان :
1- The On-Line Journal of knowledge Synthesis in Nursing.
2- Electronic Letters On-Line.
ويلاحظ في هذه الدوريات الإلكترونية إرسال المحررين للمقالات الكاملة من ناحية الرسومات والخرائط إلى مركز شبكة (OCLC) بعد مرورها من عملية المراجعة، وبذلك تكون المقالات في تلك الدوريات على الخط المباشر خلال 24 ساعة، وقد تلقت هذه الدوريات سنداً ودعماً حين بدأت المكتبة الوطنية الطبية بتكشيفها في قاعدة بيانات الميدلاين (MEDLINE) • وتعمل روابط الهايبرتكست في كل مقال إلكتروني على إتاحة إمكانية القفز من نص إلى استشهاد مرجعي، أو من النص إلى الرسومات، كما أن الروابط Links تصل بين الدوريات وقواعد المعلومات الهامة ذات الاستشهادات المرجعية في الحقل المتخصص• ويبدو أن هذا النشاط الذي بدأه المركز في أوائل التسعينيات سيتسمر، وتنشر الدوريات الإلكترونية، ولكن في بعض المجالات العلمية والتكنولوجية.
سابعاً: استخدام النشر المكتبي في إنتاج المجلات والصحف
يعرف النشر المكتبي Desk-Top-Publishing (DTP) بأنه نظام إنتاج طباعي قليل الكلفة له القدرة على تركيب وتشكيل وتجميع كل من النص المكتوب والمخططات والأشكال المرسومة والصور على شاشة عالية الجودة باستخدام الحواسيب المايكروية في الطباعة، مع برامجيات خاصة لهذا الغرض صممت لجعل الطباعة عملية يمكن إتقانها وممارستها بعد إجراء التدريبات البسيطة، وبذلك يمثل النشر المكتبي التفاعل والتكامل بين واحد أو أكثر من البرمجيات (نص، صورة، صوت، فيديو••• الخ) لإنتاج المخرج أو الشكل الإلكتروني للقالب الفكري الذي أراده المؤلف(22).
ويمكن للمكتبات استخدام النشر المكتبي في إنتاج التقارير والمطبوعات التعليمية والرسائل الإخبارية والمطبوعات والمنشروات المختلفة، ومن الأمثلة على إصدار المجلات إنتاج مجلة (SMART) الفنية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولها مقرات في كاليفورنيا، ونيويورك، وتعتمد على منظومة (Apple / Macintosh) ، ومجلة (حياة اللندنية) التي هي مجلة عامة تصدر في لندن• وتعتمد منظومة (Apple / Mac.) في إعداد الصفحات وترتيب الأعمدة والمانيشتات، وإخراج الصفحات بالشكل النهائي المطلوب للنص والصورة، ثم ترسل بعد ذلك إلى المطبعة، كذلك توفر خدمات إرسال وتلقي الصور والمخططات• وهناك العديد من المؤسسات التي تعتمد على النشر المكتبي في الطباعة في مختلف أنحاء العالم.
ويعزى دخول أنظمة النشر المكتبي إلى مجال نشر الصحف والمجلات على السواء إلى العوامل الآتية(23):
1ـ توصل شركة (أبل) إلى تطوير نظام صحفي بدلاً من أنظمة النشر المكتبي التقليدية، ويقوم هذا النظام الذي ظهر في أوائل التسعينيات على استخدام عدة برامج لمعالجة النص والصور والرسوم علماً بأن معالجة الصور، وبرامج معالجة الرسوم من شركة (أدوب) يتيحان فرصة كبيرة وإمكانات هائلة في معالجة الصور والرسوم من حيث الحجم والمساحة والتكبير والتصغير والتفريغ والتلوين.
2ـ إن دخول نظام النشر المكتبي إلى دور الصحف يؤدي إلى الاستغناء عن عمليات طويلة معقدة من التجهيزات في مرحلة ما قبل الطبع، فقد وفر هذا النظام أو قام بإلغاء عمليات التصوير الميكانيكي والجمع التصويري والمونتاج وفصل الألوان ودمجها في مرحلة واحدة مما وفر في الوقت والجهد والكلفة.
3ـ ظهور أنظمة النشر المكتبي الملون بعد إنتاج بعض الشركات برامج رخيصة الثمن تسهل عمليات الإبداع والتصميم والتجميع، وضم الصور والمتن في صفحة كاملة• وتحتوي بعض الأنظمة الحديثة على مليون لون يمكن إبراز مائتين وخمسين لوناً منها في الموضع الواحد، فضلاً عن قدرتها على تلوين الصور العادية (الأبيض والأسود)•
4ـ إمكانية الحصول على الصفحة التي يتم تجميعها على الشاشة سواء على ورق من خلال طابعة ليزر أو على فيلم من خلال جهاز تحميض الأفلام وطبعها أو حتى على لوح طباعي جاهز للطبع من خلال تركيبة مباشرة على الطنبور الطابع، وكل هذا أتاح مرونة عالية في استعانة الصحف بنظم النشر المكتبي.
5ـ إمكانية ربط نظام النشر المكتبي بوكالات الأنباء، ووكالات الصور وغيرها، والعمل على تحرير الأخبار الواردة من الوكالات على الشاشة مباشرة، واختبار الصور المصاحبة لها، وإرسالها إلى صفحة معينة لدى سكرتير التحرير، بالإضافة إلى إمكانية إرسال الصفحات إلى مكان آخر، أو طبعة أخرى، وكذلك إمكانية توصيل كاميرا فيديوية بالنظام لالتقاط صور معينة من شاشة الفيديو واستخدامها مع الموضوعات التي يصعب الحصول فيها على الصورة في وقت معقول نسبياً قبل مثول الصحيفة للطبع.
ثامناً: مصادر وأدوات الاختيار للدوريات الإلكترونية
تستطيع مؤسسات المعلومات المختلفة، وكذلك مختلف فئات الباحثين في حالات معينة الحصول على مصادر المعلومات الإلكترونية ومنها الدوريات عبر منافذ متنوعة مثل الاتصال بقواعد البيانات عن طريق الاتصال المباشر، أو الاشتراك من خلال الشبكات المحلية والإقليمية والدولية، أو عن طريق وسطاء المعلومات، أو تجار المعلومات، وكذلك الاشتراك في الشبكات التعاونية الخاصة بتقاسم مصادر المعرفة.
ويمكن استعراض بعض مصادر وأدوات الاختيار للدوريات الإلكترونية من خلال الآتي(24):
1ـ دليل أولرخ العالمي للدوريات
Ulrich's International periodicals Directory• New York : Bowker, 1932 - (Annual):
بدأ صدور هذا الدليل عام 1932م ويغطي الدوريات الصادرة في جميع أنحاء العالم• وقد صدرت الطبعة التاسعة والعشرون من هذا الدليل عام /1990 1991م في ثلاثة مجلدات، وتشتمل على بيانات أكثر من (116.000) دورية جارية في جميع أنحاء العالم، وهي الدوريات التي تصدر بانتظام• وتنقسم الطبعة التاسعة والعشرون إلى عشرة أقسام• يضم المجلدان الأول والثاني القائمة المصنفة للدوريات حيث وزعت الدوريات تحت (668) فئة موضوعية• ويضم المجلد الثالث قائمة الدوريات المحكمة والبالغ عددها حوالي (2500) دورية، وقائمة الدوريات المتاحة على أقراص (CD-ROM) والبالغ عددها (306) دورية، وقائمة الدوريات المتاحة على الخط المباشر (Online) والبالغ عددها (2350) دورية، وقائمة بمنتجي الدوريات المتاحة على الخط المباشر• وفضلاً عن صدور هذا الدليل في شكل مطبوع فإن بالإمكان الحصول عليه الآن في شكل قرص ليزري مدمج Ulrich's plus CD-ROM وكذلك على ميكروفيش Ulrich's Microfiche ، وعلى الخط المباشر عن طريق نظام ديالوج Dialog وخدمات الاسترجاع الببليوغرافي BRS ، والوكالة الأوروبية للفضاء European Space Agency (ESA) • ويقدم هذا الدليل لكل دورية اسمها والرقم المعياري الدولي ISSN الخاص بها، ولغتها، وتاريخ بدء صدورها، وتتابع الصدور، والسعر، واسم الناشر، واسم رئيس التحرير، وأرقام التوزيع إن وجدت.
2ـ الفهارس الموحدة للدوريات، ومن أمثلتها:
- Union List of Serials in USA and Canada.
- British union Catalog of periodicals.
- Serials in the British Library.
3ـ دوريات التكشيف والاستخلاص وخاصة التي تغطي عدداً كبيراً من الدوريات ومن أمثلتها:
- Index Medicus.
- Chemical Abstracts.
- Psychological Abstracts.
- LISA.
- ERIC.
4ـ نظم وشبكات المعلومات التي لديها قواعد بيانات خاصة بالدوريات ومن أمثلتها مرصد معلومات الدوريات التي تمتلكه شبكة (OCLC) في الولايات المتحدة الأمريكية.
5ـ الدوريات الإلكترونية في الإنترنيت: من خلال تطور الإنترنيت ومنذ التسعينيات ظهرت محاولات رائدة لمجلات إلكترونية انطلقت داخل مجموعات علمية أو حتى من قبل أفراد• وقد لاحظت دور النشر الكبرى هذه المحاولات وبدأت بدعمها وتوفير الإمكانات لها لكي يتسع نطاقها في السوق• وقد جرى إرسال أوائل الدوريات الإلكترونية للراغبين عبر البريد الإلكتروني، ولم يكن الاهتمام منصباً على الجانب المادي، ومع التقدم الحاصل في هذا المجال أخذت تظهر بمقابل مادي، ثم تطورت إلى اشتراك، ومن المتوقع تخفيض مبالغ الاشتراك بعد أن تم وضع أسعار مدروسة عام 1996م للاشتراك في الشكل الإلكتروني للدورية إلى جانب الشكل المطبوع• وقد ظهرت في العام ذاته عروض شراكة بين مجموعة من الناشرين كانت بدايتها في بريطانيا والولايات المتحدة فأصبحت على سبيل المثال، جميع الجامعات والمعاهد البريطانية تحصل على الأشكال الإلكترونية لعروض الدوريات في دور النشر الكبرى• وهناك مشروع أوروبي بدأ العمل به لتسهيل وضع (1000) دورية علمية بالنص الكامل إلكترونياً للدوريات الصادرة منذ عام 1995م• وحتى قيام هذا المشروع لم يكن يشمل ذلك سوى (600) عنوان ارتفع الآن إلى (1000) مع ضمان الاشتراك لها في الشكل المطبوع حتى عام 1999م• ويمنح المشروع للباحثين وطلبة الجامعات حق الاطلاع المجاني عليها، كما يمنح المكتبات حق ملكية الدوريات التي تشتريها(25)•
أما الأسباب التي دعت المكتبات إلى توقيع اتفاقية هذا المشروع فهي(62):
1ـ يكون من المفيد والمريح للمستفيدين الحصول على المعلومات مباشرة من مواقعهم الخاصة بالعمل أو الدراسة بما يؤمن تسهيل العمل العلمي وتحسين المستوى والنوعية لعموم المستفيدين.
2ـ ما زال الناشرون في طور التجريب حول هذا الأمر وخاصة ما يتعلق بالتكاليف والأسعار، وعلى المكتبات أن تسعى للتحرك بما يناسبها وتأخذ بمقترحات الباحثين والمستفيدين.
3ـ لا يوجد حتى الآن تصور واضح حول مستقبل الدوريات المطبوعة لكن التجارب الحالية القائمة ونتائجها يمكن أن تتوقع الانتقال إلى النشر الإلكتروني للدوريات العلمية فقط• وتشجع المكتبات هذا الاتجاه لأن الدوريات الإلكترونية بالنسبة لها أفضل وأسهل من حيث التخزين والاستخدام والاسترجاع.
4ـ إن الإعارة عن بعد وإرسال الوثائق بالبريد العادي لها تكاليف أيضاً، وأن مثل هذا المشروع يمكن أن يخفض التكاليف، كما أنه يفيد أكثر في تطوير المكتبات والجامعات.
5ـ إن طاقات الخدمات الإلكترونية مثل الفهرسة، الإعارة، التزويد، بنوك المعلومات الببليوغرافية، عروض إنترنت، النصوص الكاملة للمحاضرات والندوات، الدوريات الإلكترونية والمعجمات اللغوية واستخدام الوسائط المتعددة (Multimedia) يجب أن تربط المستفيدين في وحدة شكلية، ولم يتحقق هذا الارتباط حتى الآن إلا نادراً، ولتحقيق ذلك لا بد من خلق شروط متكاملة في شكل مكونات مادية وبرامج وإعداد قوى عاملة مؤهلة ومتدربة في هذا المجال.
ويذهب عماد الصباغ(27) إلى أن فكرة نشر المجلات إلكترونياً في الإنترنيت تعود إلى )ديفيد بوكبايندر) الذي بدأ تجربة هذا النوع من النشر في أوائل التسعينات• ويورد مجموعة من هذه الدوريات الأدبية والفنية، ومنها على سبيل المثال، سباركس (Sparks) وهي مجلة روايات وشعر واهتمامات أدبية متنوعة، ومجلة بوابة الفكر (Mind gate) المتخصصة بشر القصص والروايات والقصائد الشعرية، ومجلة عالم الجذور (Roots world) والمجلة الإلكترونية للفنون المرئية The Electronic Visual Arts Journal وغيرها• ويمكن الحصول على قائمة متكاملة من هذه المجلات المتوافرة في الإنترنيت من خلال موقع (New Journals) الذي أنشأته وتديره جامعة كاليفورنيا في سان دياغو• ومن الصحف الدولية التي تنشر إلكترونياً يمكن الإشارة إلى (Le Monde) وكذلك New York Times ، وغيرها.
وإذا كان لابدّ من الإشارة الى واقع مكتباتنا العربيّة في ظلّ التطورات الحاصلة في تقنيات المعلومات والاتصالات فإنّ بالإمكان القول أن هناك نواة لمكتبة إلكترونية عربيّة من خلال أعمال وإجراءات الحوسبة، وبناءشبكات المعلومات الوطنية، واستخدام التقنيات الحديثة في اختزان المعلومات لكثير من المؤلفات وكتب التراث، وتوافر الكثير من الصحف والدوريات على شبكة الأنترنت فضلاً عن توافر نسخها الورقية.
ولكن يلاحظ أن معظم هذه الصفحات لا يضم سوى القليل مما ينشر في الصحف الورقية، كما يلاحظ غياب الربط كلياً بين المقالات المنشورة في العدد الجديد والمقالات المنشورة في الأعداد السابقة، بالإضافة إلى أن بعض هذه المواقع لا يجري تحديثه في الوقت المناسب• ورغم هذه النواقص الجوهرية فإن هذه المبادرات تعد خطوة حقيقية نحو الأمام من أجل تحديث وسائل الإعلام، وبرزت أهمية النشر الإلكتروني بشكل واضح عندما أضرب عمال المطابع في الصحف الباريسية خلال شهر نيسان من عام 1997م حيث تمكنت صحيفتا اللوموند والليبراسيون من الصدور دون أن تتم عملية الطباعة الورقية• وقد صدرت الصحيفتان على موقعيهما في الإنترنيت، وتصرفت إدارة التحرير كما لو كان الوضع طبيعياً(28)•
تختلف الصورة تماماً بالنسبة للنشر الالكتروني العربي لضعف المكونات الأساسية لبنية المعلومات في الوطن العربي المادية والبشرية والمعلوماتية، والتدريب، ومكونات النشر وصناعة المعلومات ووسائل الاتصال.
ولم يكن الوضع التكنولوجي إلى وقت قريب في مصلحة النشر العربي الالكتروني، إذ لم تكن هناك بيئات تشغيل عربية قياسية (Standards)، ومع ذلك كانت هناك محاولات جادة في المنطقة العربية لتطوير برامج عربية اعتمدت على بيئات خاصة ذات طابع تعليمي وترفيهي مثلت بدايات النشر الالكتروني العربي كتب لبعضها النجاح وتعرض بعضها الآخر للفشل، إلا أنه في الأونة الأخيرة كان هناك تقدم ملموس في هذا المجال، فالظهور القوي للانترنت فرض نفسه على المستوى العالمي ووجه القائمين في هذا المجال على التوجه نحوه وسهل عليهم مهمة إيجاد تصور للنشر العربي الالكتروني، فظهرت المتصفحات العربية، ووسائل تحرير النشر العربي، كما ظهرت برامج البحث العربية (Search Engines) واسهم دخول شركات البرمجيات العالمية منطقة الشرق الأوسط في اثراء النشر العربي الالكتروني، وتطويع تكنولوجيا المعلومات الحديثة له مما اعطاه دفعة غير مسبوقة للانتشار، وأصبح بمقدور الشخص العادي اليوم نشر صفحته عربية على الانترنت بمجهود بسيط يماثل استخدام أي برنامج عادي، ويستطيع أي مستخدم اليوم الحصول على نسخة مجانية لمتصفح عربي يمكنه قراءة الصفحات العربية والاطلاع عليها مستغلاً امكانات الانترنت في هذا المجال(29)•
وقد ظهرت البرامج العربية للنشر الالكتروني التي تتيح التعامل بين الابتكارات وكتل النصوص واصبحت تحتل موقعاً متميزاً في إخراج المطبوعات لتعدد ميزاتها وامكاناتها بالإضافة إلى أمكانية عمل البرامج من خلال الشبكات أو نظم إرسال المعلومات واستقبالها وامكانية حفظ البرامج داخل مجلدات الملفات الالكترونية مع سهولة تنظيمها لغرض الوصول إليها واسترجاعها بسهولة.
وقد تشهد السنوات القليلة القادمة مزيداً من اتساع رقعة النشر الالكتروني العربي على شبكة الانترنت وما يصاحبه من انخفاض في حجم النشر الورقي لمنتجات الثقافة العربية على أن مثل هذا الاتجاه في حركة النشر على الانترنت لا يزال أبطأ بكثير من أن يلبي الاحتياجات المتنامية إلى وضع معطيات ثقافتنا وانجازاتها على هذه الشبكة العالمية العملاقة(30)•
تاسعاً: مستقبل النشر الإلكتروني للدوريات
حول مستقبل النشر الإلكتروني للدوريات أشار (لانكستر) إلى أن هذا النشر قد يبدأ من مرحلة كتابة التقرير وتحرير النص على طرفيات مؤلفي هذه التقارير والمقالات، ويتدرج إلى تسلم الناشر لها في البريد الإلكتروني، ثم إلى بث المعلومات التي تحتوي عليها الدوريات إلى المستفيدين المشتركين من خلال الطرفيات المتوافرة لديهم• وتنبأ لانكستر أن مثل هذه الدوريات ستنشر من قبل الجمعيات والنقابات المهنية والناشرين التجاريين، وسيكون لهذه الدوريات محررون وهيئات تحرير ولوائح ومعايير تقييم لقبول المقالات أو رفضها(31)•
كما تبين الدراسات أن المنافسة بين الطبع والنشر التقليدي، وبين النشر الإلكتروني تكمن في مجالات الفائدة المتوقعة من التوزيع بالطريقة التقليدية أو الإلكترونية، وهي الحالة التي يتطلب فيها الوضع السائد طبع نسخ توزع حسب حجم سوق المبيعات المتوقعة، ومثال على ذلك النشر عند الطلب نشر الرسائل الجامعية من جامعة (مشيغان آن أربر) في نسخ مايكرو فيلمية تؤخذ من الأصل المطبوع على الآلة الكاتبة، وهذا يشبه ما نتوقعه في المستقبل عندما تتحول المجلة العلمية المتخصصة إلى قرص الليزر أو الحاسوب(32)•
وكذلك تتطلب عملية تسويق المعلومات الإلكترونية بالنسبة إلى الناشرين ضرورة القيام بدراسات جادة ومتعمقة لاحتياجات السوق، وما يقتضيه ذلك من استثمارات هائلة، ولا يتعلق الأمر في النهاية بتحويل الإنتاج الورقي إلى وعاء إلكتروني، ولكن بتوفير إنتاج مبني على الجوانب الوظيفية الإضافية التي توفرها التقنيات الحديثة، وتحديد تكاليفها، وضبط القانون الأساسي للملكية الأدبية• بالإضافة إلى ذلك فقد دخل الناشرون الذين يعملون في المجالات العلمية والتقنية والطبية في مرحلة تجريبية نشطة، وفي اختبار التجارب التي تهدف إلى جمع كل المعلومات الضرورية لبعث هذا الإنتاج الجديد، كما أن بعض هؤلاء الناشرين من يأخذ بالحسبان اختبار رد فعل المستفيد لتقييم الخدمات الجديدة ذات القيمة المضافة التي يمكن تقديمها إليه(33)•
ولا بد من القول أن فكرة الدورية الإلكترونية مقبولة لدى الناشرين في سعيهم الحثيث لتقليص الكلف وزيادة الأرباح، وسيعتمد ذلك على تخزين المعلومات على وسائط مميكنة لكي تكون عمليتا النشر والتوزيع سريعتين، ولكي نتوصل إلى مخرجات تباع إلى جمهور المستفيدين.
وقد أصبح عدد كبير من الناشرين الدوليين للدوريات العلمية والتقنية والطبية في الوقت الحاضر يطبقون مجموعة مواصفات SGML على سلسلة الإنتاج ويعمدون في بعض الحالات إلى تحويل راجع لبعض الدوريات التي وقع إنتاجها خارج مواصفة SGML وتمكنهم عملية التحويل هذه من تصور قسم للمطبوعات في شكل وعاء إلكتروني، وإعداد بنك شامل للمعطيات ذي طابع إشاري، أو بطريقة النص الكامل.
ومواصفة SGML هي طريقة عالمية لتحديد البنية المنطقية للوثائق تمكن من تنميط بنية الوثائق ذات المحتوى الذي تندمج فيه النصوص والرسوم والصور، ولكن أيضاً ضمن بنى تحتوي على معادلات رياضية وكيميائية وجداول، فضلاً عن ذلك تمكن هذه المواصفة من رسم العلاقات في النص الفائق (Hypertext) وبإمكانها قبول نصوص متعددة الوسائط(34)•
بالإضافة إلى الدوريات الإلكترونية فقد ظهرت أيضاً الكتب الإلكترونية والموجودة تحت الطلب على الإنترنيت• وخلال السنوات القليلة الماضية ستعمل دور النشر والشركات جاهدة لتوفير الكتب الجامعية الإلكترونية، وسيقبل الطلبة على شرائها، وسيكون بإمكانهم الحصول على كتب الفصل الدراسي كاملة وبسهولة.
ومن المتوقع أن تهز هذه المطبوعات الإلكترونية قيمة الكتب المطبوعة، وتغيّر من طرق الطباعة ووسائل البيع، وتخلق أسواقاً جديدة في مختلف المجالات، كما أنها ستغيّر من مفهوم المطبوعات الورقية لأن نسخة واحدة من المطبوع الإلكتروني ستكون كافية للوصول إلى الملايين، ولا حاجة لنسخها كما هو الحال في شرائط الفيديو(35)•
ومهما يكن فإن الكتب والدوريات الإلكترونية لن تستطيع أن تغيّر من عادات الكثير من أبناء المجتمع الذين اعتادوا قراءة المواد المطبوعة.
ورغم التوجه العالمي الكبير نحو رقمنة مصادر المعلومات فما زال الاعتقاد سائداً بأن المنشورات الإلكترونية لا يمكن أن تحل محل المصادر الورقية، كما أن بعض الباحثين يرى أن مصادر المعلومات الورقية ستفقد إثارتها والتمتع بقراءتها في حالة تحويلها إلى أشكال قابلة للقراءة إلكترونياً، ومنها القصص والروايات وكتب الأطفال، وأن مثل هذه المصادر يمكن استخدامها للتسلية أو للمتعة، ولتنمية الذوق الجمالي والفني لدى بعض القراء والمستفيدين، وأن بالإمكان حملها وقراءتها في أي مكان، ولا تحتاج إلى أجهزة أو معدات قراءة وتوصيل.
وإذا كانت مصادر المعلومات الورقية ستظل تتعايش مع مصادر المعلومات الإلكترونية إلا أن الهجرة من الورق إلى الإلكترونيات ستكون سريعة وأكثر انتشاراً وتفوقّـاً في المستقبل في ظل الشبكات وتكنولوجيا ثورة المعلومات.
المصادر
1ـ إيمان فاضل السامرائي• "مصادر المعلومات الإلكترونية وتأثيرها على المكتبات" المجلة العربية للمعلومات، مج14 ، ع1 (1993)، ص 79 .
2ـ نقلاً عن حشمت قاسم• مصادر المعلومات وتنمية مقتنيات المكتبات• ط3، القاهرة: دار غريب، 1995م، ص 144 - 145 .
3ـ أمنية مصطفى صادق• "شبكات المعلومات الإلكترونية المفتوحة وآثارها على العمل بالمكتبة مع تصور وطني لأبعاد دورها في خدمات المعلومات بمصر"، عالم الكتب، مج18 ، ع2، (مارس - أبريل 1997م)، ص 105 .
4ـ أحمد بــدر• مصــادر المعلومات في العلوم والتكنــولوجـيا• الريـــاض: دار المريخ، 1992م، ص 74 - 75 .
5ـ ماجد حموك رجب " المجلة العلمية عام 2000 ورقية أم الكترونية؟" مجلة التوثيق الإعلامي.س5. مج5، ع2(1986) ، ص18-19 •
6ـ محمد محمد أمان• "النشر الإلكتروني وتأثيره على المكتبات ومراكز المعلومات"، المجلة العربية للمعلومات، مج6 ، ع1، (1985)، ص 18 .
7-Harry R. Collier. "The Concept of Learned Information Electronic Magazine", Electronic Publishing Review, Vol. 4, No. 3 (Sep. 1984),
P.181.
8ـ أبو بكر محمود الهوش• تقنية المعلومات ومكتبة المستقبل• القاهرة: عصمي للنشر والتوزيع، 1996م، ص 207 .
9ـ عبدالرازق يونس• تكنولوجيا المعلومات• عمان : المؤلف، 1989م، ص 54 .
10ـ نقلاً عن إيمان السامرائي• مصدر سابق، ص 63 - 64 .
11ـ عامر إبراهيم قنديلجي، ربحي عليان، إيمان السامرائي• مصادر المعلومات من عصر المخطوطات إلى عصر الإنترنيت، عمان: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 2000م، ص 284 .
12-Sweeney, Aldrin E."shouid you pubilsh in Electronic Journals" Availabe at:
\htt://www.press.umich.edu/Jeb/o6-02/sweeney.html.p.2
13-Hawkins, Donald T. " Biblometrics of electronic Journals in information
Science" Available at htto//information r.net/ir/7-1/paper120.htmal.p2-4.
14ـ ظافر أبو القاسم بديري• "المكتبات الإلكترونية - مكتبات الغد"، مجلة المكتبات والمعلومات العربية، س19، ع1 (يناير 1999)، ص 108 .
15ـ عامر إبراهيم قنديلجي، ربحي عليان، إيمان السامرائي• مصدر سابق، ص 335 .
16ـ أبو بكر الهوش• مصدر سابق، ص 116 - 117 .
17ـ إيمان السامرائي• مصدر سابق، ص 80 .
18ـ أبو بكر الهوش• مصدر سابق، ص 119 .
19ـ أحمد بدر• علم المعلومات والمكتبات : دراسات في النظرية والارتباطات الموضوعية• القاهرة : دار غريب، 1996م، ص 331 - 332 .
20ـ "الحلقة النقاشية الرابعة عشرة حول إتاحة محتويات الدوريات على الخط المباشر" في: أعمال المؤتمر السنوي السادس لجماعة أمريكا الشمالية للاهتمام بالدوريات / تحرير سوزان ماكماهون، عرض حشمت قاسم• الإتجاهات الحديثة في المكتبات والمعلومات.ع3 • (1995م)، ص320 •
21ـ أحمد بدر• علم المعلومات والمكتبات: المصدر السابق، ص 325-327 •
22ـ عماد عيسى صالح، أماني محمد• "النشر الإلكتروني•• المفهوم والتطبيق"، عالم الكتاب، ع58 - 59 (يوليو - سبتمبر 1998) ص 132-133 •
23ـ شريف درويش اللبان• "نظام النشر المكتبي وتطبيقاته: دراسة ميدانية على المؤسسات الصحفية المصرية"، مجلة المكتبات والمعلومات العربية، س15 ، ع4 (أكتوبر 1995م)، ص 42 - 43
24ـ عامر إبراهيم قنديلجي، ربحي عليان، إيمان السامرائي• مصدر سابق، ص 114 - 116 .
25ـ عبداللطيف صوفي• "إنترنيت 2000 أهميتها في المكتبات وسبل مواجهتها"في: أعمال المؤتمر التاسع للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات للمدة من 21 -26 أكتوبر/ تشرين الأول، 1998م، تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1999، ص 237 - 239 .
26ـ المصدر نفسه، ص 239 - 240 .
27ـ عماد الصباغ• "الإنترنيت وآفاق صناعة النشر في العالم العربي" رسالة المكتبة، مج34 ، ع2-1 (آذار وحزيران، 1999)، ص 49 .
28ـ عبدالملك الدناني• "الوظيفة الإعلامية في شبكة الإنترنيت" متابعات إعلامية، ع58 (يناير - فبراير 1998)، ص 76 .
29ـ قصي إبراهيم الشطي• " النشر الالكتروني العربي" الكتاب الواحد والأربعون في مجلة العربي15 • (يوليو 2000)، ص 149-195 •
30- سليمان العسكري• "عالمنا العربي ••• ومستقبل النشر الالكتروني" مجلة العربي• ع 506 (يناير 2001م)، ص12 •
31- محمد محمد أمان• مصدر سابق، ص 24 .
32ـ أبو بكر محمود الهوش• مصدر سابق، ص 197 .
33ـ لوبوفيشي، كاترين• "الدورية الإلكترونية"، ترجمة حسين الهبائلي• المجلة العربية للمعلومات، مج16 ، ع2 (1995)، ص 129 - 130 .
34ـ المصدر نفسه، ص 126 - 127 .
35ـ نبيل علي• "الإنترنيت: حديث النعم والنقم"، مجلة العربي، ع496 (مارس 2000)، ص 34 .

المصدر :-

1د.مجبل لازم المالكي ، "النشر الإليكتروني للدوريات " مجلة العربية 3000 ع 2 – 2002 ، ص251